هل تثمر الإتصالات الفرنسية مع إيران حول لبنان؟
كتبت ثريا شاهين:
تكشف مصادر ديبلوماسية غربية أن الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون لن يتراجع بالنسبة الى مواقفه حيال الوضع اللبناني، وأن زيارته لبيروت التي ستبدأ مساء اليوم الإثنين ستشمل مرحلة ثانية من التشدد الفرنسيّ إزاء السّلطات اللبنانيّة لكي تقوم بما يتوجب عليها للخروج بلبنان من الأزمات التي تلفه.
وتؤكد المصادر حرص فرنسا على مستقبل لبنان، لذا عليه أن يختار طريقه بوضوح وأن مرحلة ما قبل إنفجار المرفأ ليست كما بعده حيث هناك خطورة على لبنان من الزوال، وأن يصبح دولة مثل الصومال تحكمها مجموعات مسلحة، اذا لم يتم إيجاد حلول سريعة للغاية. إلا أن المصادر تلفت إلى مسألتين أساسيّتين مطلوبتين لكي تنجح المبادرة الفرنسيّة وهما:
– أولاً: الدعم الأميركي التام لهذه المبادرة اذ أن المبادرة أوسع وأشمل من الزيارة، وهي تعني مشروع حل. وبالتالي، يجب الانتباه الى وجود الجدية الأميركية ومدى الدعم للمبادرة من أجل حلحلة الأزمة. اذ لم يعد من مجال لاستمرار الوضع اللبناني على ما هو عليه، وهو ما لا تقبل به فرنسا.
– ثانياً: قبول إيران ابداء إيجابية في التعامل مع الملف اللبناني لناحية المبادرة الفرنسية والدور الفرنسي الذي تعزز خصوصاً بعد انفجار المرفأ، ومن خلال الطروحات الفرنسيّة وزيارة ماكرون الأولى على أثره لبيروت.
وتؤكد المصادر ان هناك قلقاً فرنسياً حيال ما قد يكون عليه حقيقة الموقف الإيراني، وتالياً موقف “حزب الله” من المبادرة الفرنسيّة وليس هناك من شيء مضمون في هذا الصدد، مع أن فرنسا أجرت اتصالات ديبلوماسية مع إيران حول لبنان. وأي خطر على المبادرة، سيكون سببه إيران، التي تمر بظرف دقيق في ظل خسارتها في الملفين العراقي والسوري.
وتشير المصادر، الى أنه من بين نتائج التدخل الفرنسي تحديد موعد الاستشارات النيابية لتكليف رئيس جديد للحكومة. والموقف السني الضاغط كان واضحاً، حيث ضغط في اتجاه التعامل مع الموضوع بدستورية لأنه كانت هناك سوابق والبقاء لأشهر لتسمية الرئيس المكلف.
وعلى الرغم من ذلك، هناك قلق فرنسي من احتمال عدم تعاون بعض الافرقاء اللبنانيين أي “حزب الله”، في حين أنّ فرنسا لن تترك لبنان وهي داعمة لاستقراره وتحرص على السلم الأهلي فيه، وتقف ضدّ انهياره.
ويتبيّن أيضاً من المصادر أن روسيا تدخل على الخط الفرنسي في شأن لبنان. وموسكو أجرت اتصالات مع إيران لتسهيل حل الازمة اللبنانية. وروسيا، وفق المصادر، تدعم أي تحرك دولي لمصلحة لبنان، وإن كانت تملك شكوكاً بالمبادرات الغربية تبعاً لمواقفها من الغرب ومن الأميركيين تحديداً، حيث تعتبر أن هناك دائماً دوافع أميركية ومصالح أميركية في التعامل مع الملف اللبناني، كما أن هناك شروطاً سياسية مع المبادرات المطروحة.
ولا تعتبر المصادر أن التحرك الفرنسي حيال لبنان يعني كسراً لعزلته الدولية والعربية. اذ من السابق لأوانه التحدث عن كسر العزلة. لكن لفرنسا علاقة مميزة بلبنان وهي تحرص على مستقبله، وماكرون يحاول الضغط لإحراز تقدم فعلي في هذا الصدد.
وفوجئ المسؤولون الفرنسيون بأن إحصاءاتهم تقول بأن هناك 550 ألف طلب هجرة لبناني إلى فرنسا، وان 90 في المئة من هذا الرقم هو للمسيحيين. وهذا فقط عدد طلبات الهجرة الى فرنسا فكيف اذا أضيف إليها عدد الطلبات من هذا النوع الى الدول الاخرى.
الخلاصة: إنّ إزالة العزلة تحتاج الى حكومة موثوق بها، فاعلة ونظيفة، والى تغيير جذري في أداء العهد. ولا أحد يمكنه أن يخفي الوضع المهترئ على أحد. والبداية بتطبيق الإصلاحات.