من يستطيع تحمّل نتيجة “تطير الإنتخابات النيابية؟”
لا تسأل أحدًا من السياسيين إلاّ ويؤكّد لك أن الإنتخابات النيابية، وكذلك الرئاسية، ستحصل في مواعيدها الدستورية، أي في 6 و8 و15 أيار للأولى في الداخل والمغتربات، وفي 31 تشرين الأول للثانية.
من حيث المبدأ، وكما هو ظاهر، فإن هذه الإنتخابات النيابية حاصلة حتمًا. ولا يختلف إثنان على أن الجميع في الداخل والخارج يتصرّفون على هذا الأساس. وهذا ما يشدّد عليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي،
وكذلك يفعل جميع المسؤولين من قمة الهرم حتى أسفله، مرورًا بجميع الإحـــ.ــزاب، حتى تلك التي لديها شعور بأن حيثيتها الإنتخابية إلى تراجع مضطرد، علمًا أن هذا الشعور يشمل الجميع، حتى “الثنائي الشيعي”. فـالحـــ.ــزب”، وهو الطرف الأقوى شعبيًا، من حيث المبدأ،
لا يتردّد في إطلاق أكثر من إشارة مفادها أنه مع إجراء هذه الإنتخابات وأن له مصلحة في إجرائها كوسيلة متقدّمة لتجديد شرعيته الشعبية والسياسية في وجه الضغوطات الخارجية والتصنـــ.ــيفات الإرهـــ.ــابية التي تُلصق به.
وهو بذلك يحاول أن يوحي للجميع، حلفاء وأخصامًا، أن لا مشكلة لديه في انتخابات يُمسك فيها الوضع الشيعي بإحـــ.ــكام ولديه القدرة على دعم حلفائه، وحتى لا مشكلة لديه إذا لم تعد الأكثرية النيابية في حوزته، لأن البلد يُحكم بالديمقراطية التوافقية والميثاقية وليس بالأكثرية النيابية،
كما يقول أكثر من مسؤول قيادي في الحـــ.ــزب. ويكفيه أنه مسيطر على الثلث المعطّل داخل مجلس النواب، في حال تكررت تجربة تعطيل نصاب الجلسات الرئاسية.
فجميع اللبنانيين، وبالأخصّ المغتربون منهم، ينتظرون هذه الفرصة بفارغ الصبر، إعتقادًا منهم بأنهم قادرون من خلال صناديق الإقتراع على إحداث التغيير الأولي المطلوب كخطوة إجرائية،
لا بدّ منها لكي يتمكنوا في مراحل لاحقة من الإنتقال إلى خطوات أكثر تقدّمًا لمحاسبة الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه.
واللافت في الأمر ان الأحـــ.ــزاب والتيارات السياسية ماضية في التحضير لهذه الإنتخابات، التي تعتبرها أيضًا مفصلية، وتوحي من خلال إستعداداتها اللوجستية بأنها مرتاحة على أوضاعها.
ولكن على أرض الواقع، تتكاثر الإشـــ.ــاعات غير المطمئنة، والتي تفيد بأن الطريق الى هذه الإنتخابات غير سالكة، وهي مزروعة بكثير من الألغام،
حتى أن البعض يذهب في توجساته إلى حدود الحديث عن إمكانية حصول تطـــ.ــورات أمـــ.ــنية غير محسوبة، ما يؤشرّ إلى إحتمال “تطيير” الإنتخابات.
هذا القـــ.ــلق قد يكون معّللًا أو مبررًا لو أن لبنان متروك دوليًا، على رغم المآخذ الكثيرة للمجتمع الدولي على الأداء السياسي لطاقم السلطة، خصوصًا مع تعاظم أثار تعطيل مجلس الوزراء والربط بين الملفين القضائي والحكومي،
وارتفاع درجة التـــ.ــوتر والتسخين السياسي من جانب “الحـــ.ــزب ” مع المملكة العربية السعودية، وانفـــ.ــجار الصراع بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري في الوقت القـــ.ــاتل، بدءًا من واقعة المجلس الدستوري الذي لم يتوصل الى قرار،
مرورًا بواقعة الحوار الوطني الذي سايره بري شكلًا ونسفـــ.ــه عمليًا من خلال حلفائه، وصولًا الى تحريك الشارع “الغاضـــ.ــب الصامت”.
هذا السيناريو المتداول ينفيه جميع المسؤولين، وبالأخصّ الذين تصل إليهم التـــ.ــقارير الأمـــ.ــنية، من الداخل والخارج، ويؤكدون أن الوضع الأمـــ.ــني ممسوك، على رغم الضائقة المادية التي تمرّ بها الأسلاك العسكـــ.ــرية،
وأن لا مصلحة لأحد بأن “يلعب” بورقة فوضـــ.ــى الشارع، خصوصًا أن أحـــ.ــداث الطيونة الأخيرة لا تزال ماثلة للعيان، وهي كادت تعيد عقارب الساعة إلى الوراء لو لم يتم تدارك تداعياتها الخطـــ.ــيرة.
فكل حديث عن تحريك الشارع، أيًّا يكن حجم القادرين على التحكّم بهذا الشارع، لا اساس له من الصحّة، خصوصًا أن لا أحد من المجتمع الدولي يسمح بسقـــ.ــوط لبنان بهذه السهولة، وإن كانت المساهمات في إنقـــ.ــاذه تقتصر حتى هه اللحظات على الجانب الإنساني فقط.
اندريه قصاص_لبنان 24