من الرابح ومن الخاسر من استمرار الفراغ
في ظل الاستعـــــصاء الحكومي والذي بات الحاكم الفعلي للواقع السياســـــي العام في لبنان، تبرز بين الحين والآخر مبادرات من هنا ومن هناك ووساطات توحي بأن الايجابية هي التي تتقدم،
لكن اللحظة الاخيرة تكون كفيلة بإعادة الواقع الحكومي الى المراوحة.
خلال الاسبوع الماضي كثرت الوساطات والايجابيات مع تسريبات تقول بأن رئيس الجمـــــهورية قد تنازل عن حقيبة الاقتصاد وان العقد الاساسية حلت بشكل كامل ولم يعد هناك اي سبب ليتأخر الاعلان عن الحكومة،
لكن، وكالعادة، عادت العقد الحكومية لتبرز من جديد.
اشترط الرئيس عون استبدال حقيبة الاقتصاد بحقيبة اخرى، فحصلت الخربطة كما في كل مرة، غير ان السؤال المطروح:
من المستفيد من هذا الفراغ الحاصل؟ وهل يمكن اعتبار العهد اكثر الخاسرين؟ واذا كان كذلك فلماذا لا يقدم تنازلات فعلية؟
من الواضح ان الرئيس ميشال عون يرى ان الوقت لصالحه، وان تطورات المنطقة السياســـــية تصب ضمن رهاناته، وبالتالي فإن عدم تشكيل الحكومة اليوم ضمن شروطه،
لا يعني انها لن تتشكل غدا. هذا الرهان قد لا يكون صائبا، لكنه قناعة عونية يحكى فيها ضمن الجلسات العامة والخاصة.
الاهم ان عون يرى انه قادر على الاستمرار في عهده من دون حكومة، فهو اليوم الحاكم العملي في ظل عدم قيام حكومة تصريف الاعمال بدورها التنفيذي، فيجتمع عندما يريد بأي وزير معني او اي مدير عام ويجمع مجلس الدفـــــاع الاعلى.
قمة كن يقول ان عون يعتبر انه يستطيع الحكم من دون الحكومة، فلماذا يقبل بحكومة تحكم من دونه؟ ومهما كانت الاثمان مكلفة على الناس من حيث زيادة سرعة الانهيار وتراجع المستوى المعيشي،
غير ان عون يعتبر ان مستقبل تياره السيـــــاسي مهدد في حال قام بأي تنازل، وبالتالي فان خسائر التنازل اكثر من خسائر التعطيل.
في المقابل، وبالرغم من استعجاله العلني للتشكيل، يعمل “الـــــحزب ” على تعزيز نفوذه في لبنان، من خلال الانخراط ضمن المنـــــظومة الاقتصادية تدريجيا، ومستفيدا من تراجع قدرة المؤسسات العامة والاجـــــهزة الامنيـــــة ليملأ الفراغ ببطء.
ولعل القلق الاميـــــركي من خطوات الحـــــزب ومساعي واشنطن الجدية لتسريع تشكيل الحكومة خير دليل على ذلك.
يقول مقربون من الحـــــزب انه جدي في تأييد تشكيل الحكومة، لكنه ليس في وارد الضغط الجدي على الرئيس ميشال عون،
فليس هناك اي مصلحة بإجبار حليف على التنازل الســـــياسي، خصوصا ان عدم تشكيل الحكومة، كما ان له سلبياته، فله ايجابياته ايضا.