لهذا السبب انسحب اردوغان من اتفاقية اسطنبول
تسبّب قراران اتخذتهما السلطات التركية في يوم واحد بسيل من الانتقادات داخل تركيا وخارجها. فبعدما أقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محافظ المصرف المركزي التركي ناجي إقبال من منصبه، أصدر مرسوماً رئاسياً قضى بالانسحاب من معاهدة مجلس أوروبا لحماية النساء من العنف، المعروفة بمعاهدة اسطنبول.
إقالة إقبال أدت إلى تدهور الليرة التركية أمام الدولار، أما قرار الانسحاب من المعاهدة فأغضب المنظمات النسائية والأحزاب السياسية المعارضة، في حين استنكرت الولايات المتحدة وزعماء أوروبيون ما وصفوه بقرار تركيا المحيّر والمثير للقلق وحثوا أردوغان على إعادة النظر فيه.
في قراءة له، ربط الخبير التركي سنان أولغن هذيْن القراريْن بحملة إعادة انتخاب أردوغان رئيساً (تستعد تركيا لإجراء انتخابات رئاسية ونيابية في 2023)، قائلاً: “يبدو أنّ الرئيس قرر إجراء تصويت مبكر لتغيير ديناميكيات المشهد السياسي. فهذه هي الطريقة الوحيدة لتفسير الخطوات الأخيرة، بما فيها قرار المدعي العام حل ثاني أكبر حزب معارض، “حزب الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد”.
وفي هذا الصدد، تحدّث أولغن عن صعوبتيْن تقفان في وجه أردوغان: تتمثّل الأولى بتراجع شعبية حزب “العدالة والتنمية”، إذ أظهر مسح أجرته وكالة “Research Istanbul” في آذار أنّ نصيبه من الأصوات يقل عن 30% للمرة الأولى منذ عقديْن تقريباً.
أمّا الثانية، فتتعلّق بالوضع الاقتصادي المتراجع، حيث يسجل الدخل الفردي تراجعاً منذ العام 2013، إذ انخفضت قيمته الاسمية من 12 ألف دولار إلى 7700 دولار في العام 2020.وعليه، اعتبر أولغن أنّ أردوغان بحاجة إلى تغيير الوضع الراهن من أجل تعزيز فرصه بالفوز، رابطاً قراريْ الأسبوع الفائت بهذا الهدف مباشرةً.
وهنا، أوضح أولغن أنّ حاكم المركزي الجديد، شهاب قوجي أوغلو، وهو مشرّع سابق في الحزب الحاكم، يتشارك مع أردوغان في وجهة نظره غير التقليدية التي ترى أن ارتفاع أسعار الفائدة يسبب التضخم؛أُقيل إقبال بعد يوميْن من رفعه لأسعار الفائدة لكبح التضخم.
وفي حين رجح أولغن عودة العمل بالسياسات النقدية التوسعية السابقة، حذّر من تعرّض الليرة التركية لضغوطات متواصلة، ما شأنه دفع الحكومة إلى استنزاف الاحتياطي مجدداً لدعمها. وعليه، ألمح أولغن إلى أنّ أردوغان ربما عرّض حظوظه في الانتخابات للخطر.
في ما يتعلق بالانسحاب من معاهدة اسطنبول، قال أولغن: “ليس واضحاً كيف سيرجح هذا القرار كفّته”، لافتاً إلى أنّ هذه المعاهدة هي من بنات أفكار أنقرة.
وكتب أولغن: “عبر انسحاب تركيا من الاتفاقية، يأمل الرئيس في استمالة الإسلاميين المتشددين الذين يُعد دعمهم أساسياً لإعادة انتخابه”؛ أرجعت تركيا سبب انسحابها من معاهدة اسطنبول لحماية المرأة من العنف إلى ما وصفته بتلاعب بعض الأطراف بها لتطبيع المثلية الجنسية بما يخالف القيم التركية.
وبناء على هذا العرض، حذّر أولغن من خطورة هذيْن القراريْن، قائلاً: “يمثّل هذيْن القراريْن رهانيْن سياسييْن كبيريْن بالنسبة إلى أردوغان، وإن بالنسبة إلى سياسي يميل إلى اتباع استراتيجيات عالية المخاطر وسخية النتائج في الوقت نفسه”.