لبنان بحاجة لحكومة مصداقية قبل انفجار غضب الناس
لا تزال نيران الغضب تلف المشهد اللبناني خاصة بعد بدء تكشف يعض ملابسات كارثة تفجير مرفأ بيروت، إن كان لجهة سوء الإدارة وتخزين مواد متفجرة بكميات هائلة في المرفأ, وإن كان لجهة عجز المسؤولين اللبنانيين عن الكشف حتى الآن عن حقيقة ما جرى.
وأما كل هذا المشهد، يبدو أن الشارع اللبناني عاد للغليان الثوري، لكن هذه المرة بطريقة تنم عن وعي أكبر لمخططات السلطة في مواجهة الحراك الشعبي.
من جهتها أكدت نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” في تقرير لها عن حاجة لبنان الماسة لحكومة إصلاح يثق بها اللبنانيون، قبل أن يتحول يأسهم إلى غضب ينفجر في وجه الطبقة الحاكمة.
وذكرت الصحيفة أنه تعقيبا على استقالة الحكومة اللبنانية الاثنين الماضي بعدما طالب المتظاهرون برحيل النخبة الحاكمة، والتي عادة ما تجلب معها احتفالات النصر، قالت الصحيفة: “المزاج العام الذي تبع استقالة رئيس الوزراء حسان دياب كان متعكرا وتعبيرا عن فقدان الأمل”.
ولا يزال الكثير من اللبنانيين يندبون أعزاء فقدوهم بعد الانفجار الذي دمر العاصمة بيروت الأسبوع الماضي مخلفا وراءه أكثر من 160 قتيلا.
ويعتقد قلة من اللبنانيين أن استقالة الحكومة يمكن أن تؤدي إلى تغيير “النظام المتعفن”، والذي كان السبب الرئيسي في الانفجار والأزمة الاقتصادية المتردية.
وكان من المتوقع أن يقود دياب الأكاديمي والناشئ في السياسة، حكومة تكنوقراط تعمل على وقف انزلاق البلاد نحو الانهيار الاقتصادي.
وحتى قبل الانفجار الكارثي لشحنة نترات الأمونيوم القابلة للاشتعال كان البلد يسير نحو الهاوية، على تعبير الصحيفة.
وكان القطاع المالي في حالة من الانهيار وسط تضخم مفرط أدى لزيادة أسعار الطعام والبضائع بشكل خيالي. فيما زادت معدلات الفقر بشكل متسارع.
وبسبب الخلافات السياسية فقد توقفت المحادثات مع صندوق النقد الدولي حول حزمة الإنقاذ.
وقال دياب هذا الأسبوع إنه اكتشف أن فساد النظام أكبر من الدولة، ملقيا بالمسؤولية على النخبة السياسية ورفضها للإصلاح.
وسيجد العديد من اللبنانيين في تصريحات دياب شيئا عاديا ولا جديد فيها. فقد أدى نظام المحاصصة الطائفية إلى مأسسة سلطات أمراء الحرب والعائلات السياسية، وحصّن في الوقت نفسه من ثقافة المحسوبية والفساد.
وترى الصحيفة أن هذا النظام يحتاج إلى إصلاح شامل إن أريد معالجة علل لبنان، وتقول إنها “مهمة معقدة جدا ومستحيلة”.
وليس واقعيا في الفترة الحالية توقع تنحي الفصائل السياسية عن السلطة أو تخلي حزب الله الذي دعم الحكومة المستقيلة عن سلاحه. ومع ذلك فاستقالة الحكومة اللبنانية تمنح “فرصة أخيرة”.
وتقول الصحيفة: “على الرئيس اللبناني المتقلب ميشال عون والنواب المعطلين التوافق على حكومة يقودها رئيس وزراء مستقل”.
وتضيف: “يجب أن تملك الحكومة هذه السلطة والمصداقية لكي تطبق الإصلاحات السياسية وتتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لكي يصل دعم الدول المانحة”.
وتقود فرنسا جهود إيصال المساعدات للبنان، لكنها تشترط مع بقية الحكومات “الإصلاح والشفافية” قبل الدعم.
وعلى هذه الدول مواصلة الضغط ومنع تدخل الدول الإقليمية في العملية السياسية.
ويمكن إدارة النقاشات السياسية وإصلاح النظام الانتخابي بالتوازي مع القضايا الاقتصادية الأخرى. لكن الصحيفة تقول: “لا يوجد ما يضمن قدرة قادة لبنان على تحقيق المنشود منهم”.
وعندما تعهدت الدول المانحة عام 2018 لبنان بـ11 مليار دولار مشروطة بالإصلاح فقد واصل القادة السياسيون عاداتهم ولم يصل الدعم.
وعلى النخبة السياسية معرفة أن مستقبلها بات على المحك. وفي الوقت الذي يتحول فيه لبنان إلى “دولة فاشلة” فإن يأس اللبنانيين يتحول إلى غضب.