فاجـــ.ــعة عكار في سجل مأســـ.ــي لبـــ.ــنان الاستثمار السياســـ.ــي لم يتأخر
في عزّ الأزمـــ.ــات المعيشية والاقتصادية المتفاقمة، وذروة الكـــ.ــوارث والمآســـ.ــي الإنســـ.ــانية المتنقّلة، لم يكن “ينقص” اللبنانيـــ.ــين أن يشهدوا على “فاجـــ.ــعة” جديدة بعد أيام فقط على إحيائهم بحسرة الذكرى السنوية الأولى لجريمـــ.ــة تفجـــ.ــير مرفأ بيـــ.ــروت،
وفق قاعدة “تنذكر ت ما تنعاد”، وكلّهم أمل بأن يأتي اليوم الذي يُحاسَب فيه من تسبّبوا بها، عن قصد أو إهمال.
لكنّ الحقيقة أنّ “الكـــ.ــارثة” وقعت من جديد، هذه المرّة في إحدى أفقر المناطق اللبـــ.ــنانيّة، عكار، حيث “تفـــ.ــجّرت” أزمة الوقـــ.ــود التي تجتاح لبـــ.ــنان “جريمة” كبرى هزّت كلّ اللبنانـــ.ــيّين في الصميم،
فكانت الحصـــ.ــيلة “ثقيلة” مع عشرات الضـــ.ــحايا والجرحـــ.ــى الذين لم يرتكبوا أيّ ذنب، سوى أنّهم “تأمّلوا” بالحصول على مادة البـــ.ــنزين أو المـــ.ــازوت في عصر “الشحّ”.
لكنّ “الفاجـــ.ــعة” التي هزّت كلّ اللبنـــ.ــانيين، وترجمت غضـــ.ــبًا واحتقانًا شعبيًا في موقع “الكـــ.ــارثة”، قد يكون مشروعًا إلى حدّ بعيد، لم تهزّ “ضمائر” الكثير من السياسيّـــ.ــين، الذين سارعوا إلى “تقاذف المســـ.ــؤوليات” على جري العادة،
في وقتٍ لم تكن الدمـــ.ــاء قد جفّت بعد، ربما في معرض “النأي بالنفس” عن المســـ.ــؤولية، ولكن قبل ذلك من بوابة “تسجيل النقاط”، ليس إلا!
كارثـــ.ــة وأكثر
لا شكّ أنّ “فاجـــ.ــعة” عكار كُبرى، وأكبر من قدرة الناس على تحمّلها، هم الذين استعانوا بـ”الصبر” كثيرًا في الآونة الأخيرة، لتجاوز الكثير من الصـــ.ــعوبات والمِحَن، فإذا بـ”المصـــ.ــائب” تلاحقهم من كلّ حدب وصوب،
ليشعر معظمهم بأنّهم “مشاريع موتـــ.ــى” في بلدٍ تغيب عنه يومًا بعد يوم مقـــ.ــوّمات الحياة اللائقة والكريمة، ولكن قبل ذلك، حتى الآمنة بحدودها الدنيا.
ما حصل في عكار نموذج عن هذا الواقع “المؤلم” والقاسي، تمامًا كردّة فعل الناس “التلقائية” الذين أرادوا أن يأخذوا “حقهم بيدهم”، حين أقدموا على إحـــ.ــراق منزل صاحب الأرض،
وحاولوا منع الدفاع المدني من إخماده. لعلّهم أرادوا أن يقولوا إنّهم ليسوا جاهزين لانتظار أعوام للوصول إلى “الحقيقة”، أو ربما “تضييعها”، كما حصل في جريمة تفـــ.ــجير المرفأ.
لكنّ ما حصل في عكار نموذج أيضًا عن واقع الفـــ.ــساد والإهمال الذي يتعمّق في البلاد، فهو لم “يفـــ.ــضح” واقعة تخزين المـــ.ــحروقات في المستودعات، لأنّ “دهاليز” هذا العالم لم تعد خافية على أحد،
تمامًا كـ”الحمايات الســـ.ــياسية” التي يحظى بها المخزّنون والمحتكرون والمـــ.ــهرّبون، “على عينك يا تاجر”، ومن مختلف الأحـــ.ــزاب الســـ.ــياسية التقليدية والنافذة.
“استثمار سياســـ.ــي”
أما المشـــ.ــكلة الكبرى في ما حدث، فتكمن في “الاستثمار الســـ.ــياسي” الذي لم يتأخّر مرّة أخرى. لم تكن دمـــ.ــاء الضـــ.ــحايا قد جفّت، ولا دموع الأهالي قد توقّفت، حين بدأت البيانات “المسيّـــ.ــسة” تتوالى.
بعضهم لم يجد حَرَجًا مثلاً في “توظيف” الحادثة الأليمة خدمةً لموقف “سياســـ.ــي” هنا، أو “شعبوي” هناك، وسعيًا لتحـــ.ــقيق مآرب سياســـ.ــيّة خالصة.
هكذا، رأى البعض أنّ ما حصل “نتيجة طبيعيّة” لقرار حاكـــ.ــم مصرف لبـــ.ــنان رياض سلامة رفع الدعم، ليس إلا، رغم أنّ “التـــ.ــخزين” سابق ولاحق لهذا القرار، الذي يؤكد الجميع أنّه “شرّ لا بدّ منه” في نهاية المطاف،
بمُعزَل عن “تداعـــ.ــياته” التي قد تكون “كارثيّـــ.ــة”، علمًا أنّ “المواجـــ.ــهة” ينبغي أن تتّخذ أشكالاً أخرى تتناسب مع حجم “المصـــ.ــيبة”.
ولتكتمل “الدفّة”، خرج من يتحدّث عن موجـــ.ــات “تشدّد” في الشـــ.ــمال، في “استنساخ” لبعض المواقف التي قد لا تنسجم وطبيعة ما حصل، فيما كان “الثابت” الوحيد أنّ الخطاب الســـ.ــياسيّ النـــ.ــاريّ،
وربما الفتـــ.ــنويّ في مكانٍ عاد، عاد ليتصدّر المشهد، مع بيانات “استعرض” فيها السياســـ.ــيّون مرّة أخرى قدراتهم الخطابيّة، بمعزل عن آلام اللبنانـــ.ــيين.
فضحت “فاجـــ.ــعة” عكار مرّة أخرى واقعًا سياســـ.ــيًا مهترئًا، ليس فقط لأنّه لا ينظر إلى مناطق لبـــ.ــنانية خالصة سوى عند المصـــ.ــائب والانتخابات، ويتناساها في سائر الأوقات، ولكن قبل ذلك،
لأنّه يعمد إلى “الاستثمار” في دمـــ.ــاء أهلها، دونما “اكتراث”. لعلّ السياسيـــ.ــين أرادوا إبعاد “كرة النـــ.ــار” عنهم، لكنّ الأوْلى وربما الأجدى،
العمل على “المواجـــ.ــهة” بتأليف الحـــ.ــكومة اليوم قبل الغد، بدل صبّ الزيت على النـــ.ــار باتهـــ.ــامات لن توصل لأيّ مكان!