صهريج المياه بـ 100 ألف ووساطات وتبويس أيادي

 

تشتدّ الأزمة على المواطن من كل جانب، فمع الإنقطاع المتواصل في التيار الكهربائي والمولّدات والمازوت، يبحث عن المياه لتعبئة خزان منزله للإستعمال الشخصي المنزلي، فيجدها أصعب من الإتيان بالكهرباء نفسها.

من سوء طالع المواطن اللبناني في هذا البلد، أن يصل إلى يوم لم يعد يفكر فيه إلا بتأمين الأكل وحاجيات العائلة والمنزل من أبسط الأمور ونسي كل ما دون ذلك؛ وكأنه خلق في هذه الحياة فقط من أجل أن يأكل وينام..

وتعاني مناطق الشمال لا سيما عكار والمنية والضنية من شحّ المياه، والسبب هذه المرة ليس عوامل الطبيعة، إنما غياب التيار الكهربائي وعدم قدرة المواطنين على تأمين المازوت.

في هذه الأثناء يشتدّ طلب الأهالي على مياه الـ”سيترن” أي نقلات المياه المشتراة من خلال خزانات نقالة. لكنّ مزوّدي هذه الخزانات في المناطق رفعوا الأسعار بشكل كبير،

إذ بعدما كان سعر نقلة المياه “سيترن” واحد لخزّان منزلي 15 ألف ليرة أو 20، صارت الأسعار تتراوح ما بين 80 إلى 100 ألف ليرة وأحياناً يطلب صاحب الـ”سيترن” أكثر من ذلك، ويضطر المواطن أن يدفع لأنّه بكل بساطة مضطرّ للمياه،

لا سيما في هذه الأيام حيث فصل الصيف وموجة الحرّ الشديد. وعليه فإن المواطن الذي يحتاج إلى نقلتين كل أسبوع، أي خزّانين ولو اقتصد في أمره واشترى نقلة واحدة،

فعليه أن يدفع ما متوسطه 320 – 400 ألف ليرة وربما 500 ألف ليرة شهرياً، فقط من أجل تعبئة خزان المياه للخدمة المنزلية على سطحه. هذا مع العلم،

أن أغلبية أهالي الشمال هم من ذوي الدخل المحدود وهناك الكثير من أرباب العائلات فقدوا أعمالهم بسبب أزمة “كورونا” والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها البلاد بشكل عام.

فتخيّل كيف لمواطن معاشه الشهري مليون ليرة مثلاً أن يدفع منه 500 ألف ليرة لتأمين المياه و 500 لمولد الإشتراك!

ويبرّر أصحاب الـ”سيترنات” موقفهم من رفع الأسعار بهذا الشكل بـ”اضطرارهم إلى تشغيل البئر على المولد الخاص حتى يتمكّنوا من تلبية حاجات المواطنين في هذه الظروف الصعبة؛

وهم يشترون المازوت من السوق السوداء بأسعار أعلى من التسعيرة الرسمية بكثير، كما أنهم محتاجون إلى المازوت من أجل تشغيل آلياتهم وكذلك تشغيل الموتور الذي سيتم عبره رفع المياه إلى أسطح المنازل”.

تجدر الإشارة هنا إلى أن معظم السكان في عكار ومناطق الأطراف يعتمدون على الآبار لتأمين المياه الخاصة بالاستخدام المنزلي، ومنهم من يعتمد عليها أيضاً للشرب.

وبما أن هناك الكثير من المياه الجوفية قد اختلطت مع المياه الآسنة للصرف الصحي،

فإن المواطن لا يجد أمامه الكثير من الخيارات وهو مضطر ليشتري هذا الصهريج كائناً ما كانت مياهه وإلا مكث من دون ماء، ولو كان بئره حلواً عذباً،

فإنه الآن غير قادر على تشغيله لأن المازوت بكل بساطة غير متوفر، ويحتاج تأمينه إلى “وساطات وتبويس لحى وأيادي”.

يوضح المواطن ع.م. من عكار أنه ونتيجة انقطاع الكهرباء المتواصل نفد خزان بيته من الماء، ويوجد في القرية التي يسكنها أكثر من 10 اشخاص يملكون صهاريج للتوزيع،

اتصل بكل منهم ولم يجب أحد “قصدت أحدهم في بيته وأخبرته أنني بحاجة إلى خزان مياه بشكل سريع فقال:

والله تأمين المياه الآن أصعب من تأمين البنزين والمازوت… على كل حال سأؤمّن لك خزاناً ولكن بـ 100 ألف، فقلت له: كما تشاء”.

تجدر الإشارة إلى أن مهنة بيع المياه بالصهاريج قد زاد روادها هذه الأيام، بفِعل الأزمة وارتفاع سعر الـ”سيترن”، وصار لهؤلاء شأن وحظوة في المجتمع وما عادوا يردّون على هواتفهم؛

تماماً مثل عمال محطات البنزين الذين هم الفئة الأكثر طلباً واستهدافاً من الجميع في هذه الفترة.

كتب مايز العبيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!