تهديد متبادل بالاستقالات في ظل متاهة لا تنتهي
لم تبلغ المداولات الأخيرة مداها ولم تصل إلى الهدف المنشود اي تشكيل حكومة، بقدر الإستمرار بالتباحث ما يعني استمرار حالة الدلع السياسي عند أطراف لا تملك ترف الوقت أو زمام المبادرة بل تحاول تحصيل ما أمكن على اعتاب الارتطام الكبير.
يؤكد مراقبون على تباعد في الأهداف يحول عمليا دون ولادة حكومية، ففريق العهد يضع حسابات نهاية العهد في الميزان ويقارب مهام الحكومة من هذه الزاوية،
فيما يتمسك الرئيس المكلف بموقفه الرافض إجراء تسوية مع جبران باسيل تستنسل تجربة العهد الحالي مع ما يرتبه ذلك من اكلاف باهظة.
يتعامل جبران باسيل مع تشكيل الحكومة وفق منطق “صولد واكبر”، وتفيد اجواؤه بأنه لن يقبل سوى طرح الملفات دفعة واحدة وعدم الركون لنظرية حل المشاكل عبر تفكيكها ومعالجتها تباعا،
وقد بدأ واضحا من طرحه الاستقالة كمن ينتقم من مجلس النواب على تثبيت تكليف الحريري في الجلسة الأخيرة، بينما كان فريق عون يضغط بإتجاه سحب التكليف.
في هذا السياق، اختار باسيل وضع أوراقه كاملة في خانة التهديد بالاستقالة من مجلس النواب كمحاولة قد ترغم الحلفاء قبل الخصوم على إنتاج تسوية تضمن له مستقبله السياسي بعد نهاية عون، هذا لا يعني
وفق عدة مصادر بأن نواب “تكتل لبنان القوي” قد جهزوا الاستقالات وينتظرون تقديمها بقدر ضمان الاتفاق على الانتخابات المقبلة من ضمن سلة حكومية متكاملة تحسم كيفية إدارة الفراغ الرئاسي مع باسيل او فرض التمديد لعون في قصر بعبدا كأمر واقع.
من جهته، يتحصن الحريري بصلاحيات منحها الدستور للرئيس المكلف لتشكيل الحكومة كما يتصلب تجاه أعراف وبدع دستورية يحاول فريق عون الركون إليها وفرضها عنوة ،
هذا لا يحجب الخسائر التي تكبدها في الفترة الماضية وجعلت فكرة الاعتذار مطروحة جديا مع اقتراحات لمواكبة الخطوة لا تقل تصعيدا وأبرزها الاستقالة من مجلس النواب.
كل هذا يجري في ظل عدم اكتراث الخارج للوضع المأزوم في لبنان والتعامل معه كونه مجرد ارتدادات لتفاهمات منتظرة،
وهذا ما يؤدي بالواقع اللبناني نحو متاهة حقيقة يدفع ثمنها المواطن الذي خسر حقوقه المشروعة وسُرقت مدخراته ويتعرض لابشع انواع الابتزاز الرخيص.