تحرك فرنسي كبير في سوريا استكمال للمبادرة اللبنانية

بالتزامن مع سعيها إلى إنجاح مبادرتها في لبنان وتحركاتها العسكرية والديبلوماسية في شرق المتوسط ومشاركتها في محادثات فيينا ونشاطها على الساحة الدولية، تبذل فرنسا جهوداً من أجل كسب موطئ قدم في شمال شرقي سوريا.

فتحت عنوان “فرنسا تسعى إلى الحصول على موطئ قدم في شمال شرقي سوريا”، نشر موقع “المونيتور” الأميركي تقريراً تناول فيه الجهود التي تبذلها باريس في هذه المنطقة الاستراتيجية حيث يتنافس الروس والأتراك والأميركيون.

يصف التقرير المنطقة الممتدة على ثلث مساحة سوريا بأنّها “الأهم”، موضحاً أنّ أغلبها يخضع لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” أو “قسد” (تدعمها الولايات المتحدة الأميركية)، التي تعمل على إبرام تفاهم مع الروس لمنع “تدخل تركي جديد في المنطقة”.

وفي التفاصيل التي يكشفها الموقع أنّ وفداً فرنساً زار شمال شرقي سوريا في أوائل الشهر الجاري والتقى بعدد من الشخصيات الكردية والعربية والسريانية، وقدّم دعوة لممثلي هذه المكونات لزيارة قصر الإليزيه وبحث الوضع في سوريا.

ويتابع الموقع بالقول إنّ الزيارة تلت أخرى مشابهة، ففي منتصف نيسان أيضاً، قصد وفد من الخارجية الفرنسية القامشلي. الجهود التي تبذلها باريس في هذه المنطقة ليست جديدة،

ففي نيسان العام 2019، استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وفداً من “قسد” وأعلن عن تقديم دعم مادي لتلبية الاحتياجات الإنسانية وضمان استقرار الوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا، بحسب ما بكتب الموقع.

من جهته، يؤكد المحلل السياسي حسن النيفي (مقيم في تركيا) أنّ الاهتمام الفرنسي بشمال شرقي سوريا “لم يولد بين ليلة وضحاها”، موضحاً أنّه يعود إلى العام 2015، أي منذ تشكيل “قسد”، حيث كانت فرنسا الداعمة الأساسية للمشروع. ويقول النيفي:

“إلا أنّ الأميركيين نجحوا آنذاك في إبقاء الفرنسيين خارج المعادلة عبر تنسيقهم العسكري مع “قسد”. وتكلل هذا التنسيق بتحالف، عندما قررت واشنطن أن تكون “قسد” ذراعها التنفيذية في القتال ضد “داعش”.

ويضيف: “على الرغم من ذلك، لم تبتعد فرنسا عن “قسد” بل أرسلت 200 جندي إلى قاعدة سد تشرين التي تسيطر عليها الولايات المتحدة في جنوب منبج”، لافتاً إلى أنّ باريس قالت آنذاك إنّ مهمة الجنود علمية وتدريبية.

الباحث في مركز “نما” للأبحاث المعاصرة، مصطفى مصطفى (مقيم في أعزاز)، يعود في تحليله إلى العام 2011، مشيراً إلى أنّ باريس دعمت رحيل الرئيس السوري بشار الأسد “إلا أنّها لم تستطع شن هجوم عسكري بمفردها لإسقاط النظام”. ويوضح مصطفى:

“لم تتمتع فرنسا بتأثير في النزاع السوري لأنّها لم تمتلك الأدوات والنفوذ في أوساط الجهات القوية الناشطة في الميدان- سواء أكان بين المجموعات المسلحة أو القوى السياسية أو الاجتماعية”. ويضيف:

“تهدف خطوة فرنسا الأخيرة إلى إعادة إحياء دورها الغائب في بلد معروف تاريخياً بأنّه أحد مناطق النفوذ الفرنسي”، من دون أن يستبعد أن يكون التحرك الفرنسي مرتبطاً بالجهود الغربية للضغط على روسيا “إذ أنّ فرنسا واحدة من البلدان شديدة القلق من مساعي روسيا استعادة مكانتها الدولية”.

في السياق نفسه، يؤكد الصحافي السوري فراس علوي أنّ فرنسا ترغب في تعزيز نفوذها في سوريا، مشيراً إلى أنّ شمال شرقي سوريا تُعد “المنطقة الوحيدة المناسبة جغرافياً وجيوسياسياً”. ويضيف علوي: “شرق الفرات منطقة غنية بالثروات، وهي واعدة في مرحلة إعادة الإعمار.

كان لدى فرنسا مصالح تجارية في المناطق الغنية بالنفط قبل الثورة”. ويتابع: “تحاول فرنسا الاستفادة من عودة الدور الأميركي أو إعادة التموضع العسكري للقوات الأميركية في الشرق الأوسط- لا سيما في العراق وسوريا- للحلول مكانه.

تريد فرنسا أن تكون لاعبة أساسية في سوريا مثل روسيا وإيران وتركيا”. ويقول علوي:

“تريد فرنسا ضمان وجود دائم لها في المنطقة والتعويض عن دورها المتراجع في لبنان بسبب النفوذ الإيراني هناك. ولذلك، تتقرّب من حكومة (رئيس الوزراء العراقي مصطفى) الكاظمي في العراق ودعت مكونات شرق سوريا إلى باريس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!