انخفاض معدلات الثقة بـ حزب الله
بعد أشهر من القتال المتواصل في لبنان، وفي ظل عجز حزب الله عن تحقيق إنجازات استراتيجية، بدأت الأصوات ترتفع من الطائفة الشيعية تنتقد سلوك الحزب، وتتساءل عما إذا كانت المعركة ضد إسرائيل تستحق الخسائر الفادحة التي يتكبدها الناس والحاضنة الشعبية لحزب الله بشكل خاص.
وبالنظر إلى ما قبل الحرب، فحتى قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان لبنان بلداً منقسماً بشكل عميق، فقد تعرضت البلاد لحرب أهلية مروّعة انقسمت أطرافها على خطوط طائفية، من 1975 إلى 1990، وانتهت باتفاق سلام هشّ ضمن للطوائف الدينية الرئيسية حقوقاً سياسية معينة، على سبيل المثال، يجب أن يكون رئيس لبنان مسيحياً، ورئيس الوزراء سنياً، ورئيس البرلمان شيعياً.
لكن صعود حزب الله في العقود الثلاثة الأخيرة بدّل بشكل عميق من توازن القوى هذا، بصفته الطرف غير التابع لدولة الأقوى تسليحاً في العالم، اعتبرت أغلب دول الغرب حزب الله جماعة إرهابية. لكن في لبنان، يتحرك كحزب سياسي قانوني وكقوة أمنية مشروعة: فالجماعة تحكم فعلياً أغلب مناطق لبنان، لا سيما في الجنوب والشرق. كذلك يقدم حزب الله خدمات أساسية لمن يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرته، من النوع الذي تقدمه الدولة في العادة.
من ثم فحزب الله يتحرك كدولة داخل الدولة. وليس لدى الحكومة الوطنية اللبنانية أو القوات المسلحة اللبنانية القدرة على التصدّي لحزب الله، ما يعني أنه قادر فعلياً على جرّ لبنان إلى حرب ولو تحرك في هذا الاتجاه منفرداً.
يتضح من استطلاعات الرأي أنه رغم كون حزب الله قوة محركة كبرى في السياسة اللبنانية ورغم تمتعه بمستويات عالية من الدعم في صفوف السكان الشيعة – الذين يتركز تواجدهم في الجنوب والشرق – فهو لا يتمتع بدعم عريض في كافة أنحاء لبنان. على ذلك، فالكثير من اللبنانيين لا يتفقون مع مواقف حزب الله السياسية.
كما تكشف النتائج عن دعم قلة من اللبنانيين لحزب الله برغم نفوذه الكبير في لبنان، حيث يقول 30 بالمئة فقط إن لديهم قدر هائل أو كبير جداً من الثقة في حزب الله، في حين يقول 55 بالمئة إنهم لا يثقون فيه إطلاقاً. وتتباين مستويات الثقة بحسب الطائفة.
والمفاجأة كانت أن من بين السكان الشيعة، يقول 45 بالمئة إنهم يثقون جداً أو يثقون في حزب الله. بالمقارنة، يقول 9 بالمئة فقط من السنة والدروز ذلك، وتبلغ النسبة 6 بالمئة في صفوف المسيحيين منذ استطلاعات الرأي الأخيرة في لبنان، كما انخفضت معدلات الثقة في حزب الله في أوساط الشيعة بواقع 7 نقاط مئوية، لكن لم تتغير في أوساط المسيحيين والسنة والدروز.