العودة الخليجية الى لبنان… الإنفراج آتٍ

بعد نحو خمسة أشهر على الأزمة الدبلوماسية الخليجية ـ اللبنانية، بدأت عملية تزخيم العودة الخليجية إلى لبنان من خلال تفعيل النشاط الدبلوماسي لكل من السفيرين السعودي والكويتي،

 

على أن تتوج هذه العودة بزيارة الى السعودية سيقوم بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وهذا ما أعلنه عقب لقائه السفير وليد البخاري،

 

ما يؤشرّ إلى أن لبنان مقبل على فترة بدء إستعادة عافيته بالتزامن مع الزيارة المرتقبة لقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس،

 

والتدرج من الإتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي إلى إتفاق نهائي بعد أن تكون السلطات اللبنانية قد وضعت قطار الإصلاحات المطلوبة على السكّة الصحيحة.

 

وعليه فإنه يمكن وضع العودة الخليجية في إطارها الطبيعي من خلال بعض المؤشرات، ومن بينها:

 

– المؤشرّ الأول: جاء قرار العودة إستجابة لمناشدات ونداءات قوى وشخصيات لبنانية معتدلة، مع التمييز بين من أساء إلى علاقة لبنان مع الدول الخليجية بتحويله منصة لإستهداف هذه الدول، وبين الشعب اللبناني الذي ينشد أفضل العلاقات مع الدول الخليجية التي وقفت إلى جانب لبنان واللبنانيين في كل الظروف والأوقات.

 

-إرتكز المؤشرّ الثاني على تعهد الرئيس ميقاتي بإتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف كل الأنشطة التي يمكن أن تمسّ المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي.

 

-المؤشرّ الثالث يرتبط بحرص المملكة على أهمية عودة لبنان إلى عمقه العربي، من خلال مؤسساته وأجهزته الوطنية، ما يعني أن الرياض لن تتهاون مع محاولات فصل لبنان عن عمقه العربي، وأن عودتها تشكل رسالة مزدوجة: رسالة إلى اللبنانيين بأنها لن تتخلى عنهم، ورسالة إلى طهران بأنها لن تسمح بسلخ لبنان عن محيطه.

 

-المؤشرّ الرابع: الإنفتاح السعودي على الرئيس نجيب ميقاتي وحكومته إذ أن قرار العودة يشكل إعلانًا للثقة بحكومة “معًا للإنقاذ”، ما يفرض عليها تفعيل الأجهزة اللبنانية على اختلافها، أمنية وعسكرية وإدارية، في مجال التشدد والرقابة على المرافق والمعابر ومنع التهريب، وتسريب ما قد يخل بالأمن الإجتماعي لدول الخليج، فضلًا عن الحؤول دون جعل لبنان منصة إستهداف لهذه الدول، أو التدّخل  في شؤونها الداخلية.

 

-المؤشرّ الخامس: التزامن بين العودة الخليجية والتطورات الإقليمية، ما يعزز الإنطباع بأن الخليج قرر الإنخراط مجددًا في الساحة اللبنانية، إذ بدو أن تطورات الملف اليمني والهدنة المعلنة مع الحوثيين ليست بعيدة عن المناخ التسووي السائد حاليًا،

 

ولبنان جزء منه في انتظار ما سيسفر عنه المد والجزر الأميركي ـ الإيراني حول الإتفاق النووي. ولهذا اختارت السعودية إعادة التموضع على الساحة اللبنانية بهدوء بانتظار الحوار الثنائي المفترض أن يُستأنف قريبًا مع إيران،

 

وفي انتظار نتائج المفاوضات في فيينا، حينها ستوضع كل الملفات على الطاولة، وسيكون لحضور المملكة في لبنان مصلحة للجميع.

 

فالقرار الخليجي إتُخذ بعدم ترك الساحة اللبنانية متروكة بالكامل لتمدد النفوذ الإيراني، من خلال عملية إعادة التوازن التي بدأت معالمها تتظّهر.

 

وهذا ما يُعّول عليه في الإنتخابات النيابية عبر إعادة تكوين سلطة جديدة من دون فقدان النصاب المتوازن سنّيًا في وجه أي تمدد شيعي نحو مقاعد الطائفة، وبالأخص في العاصمة بيروت، عبر الحؤول فوز مرشحين يدورون في فلك “الحزب”.

 

إضافة إلى إعادة التوازن السياسي هناك مسعى خليجي على الخط الإقتصادي والمالي في محاولة لإعادة الثقة المفقودة بسبب الإنهيار المالي. وهذه الإندفاعة الخليجية سوف تترجم من خلال المساهمة العربية المحتملة في برنامج صندوق النقد الدولي.

 

اندريه قصاص: لبنان 24

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!