الخناق يضيق على المواطن.. والبحث عن “المدعوم” يشغله
الى متى سيبقى المواطن يُقتل على البطيء؟ غشّ، تلاعب، احتكار، غلاء، “كورونا”، انقطاع للدواء، فقدان للحليب، بضائع منتهية الصلاحية، كلها تحت تصرّفه، يأكل الضرب كلّ يوم من جيبه “المفتّق” بشتى أنواع الهموم.
أما وزارة الاقتصاد، فهي الغائب الأكبر عن مصائبه، فبالرغم من التبليغات العديدة بحقّ بعض المتاجر والدكاكين التي تمتصّ دم الناس، لم تتحرّك ولم تقفلها، بل تركت لها الحبل على غاربه لتحتلّ جسده المعتلّ من كثرة الامراض، وكأنها تتواطأ مباشرة مع “كوفيد-19” لقتله “ببطء”.
لم يَجُرّ الاقفال على المواطن الا الويلات، بات أكثر فقراً وأكثر معاناة، ومآسيه تتوسّع. أما الدعم الغذائي والصحّي فوحده يتقلّص، بل لم يسجّل أي دعم يذكر للناس ممّن باتوا رهينة تجّار السوق السوداء الذين يبيعون السلع الفاسدة ويخبّئون المدعوم لحين رفع الدعم.
ففي لغة التجّار “الأمر تجارة”، وفي لغة الناس “قتل وأمراض”. وحدها الدولة في خبر كان، مفعولها غائب أمام فقير يجرّ عربته بحثاً عن إعاشة ليصمد من دون جدوى.
باتت المساعدات شغل المواطن الشاغل. ففي ظلّ الظروف الاقتصادية الضاغطة، يتعلّق الناس بالإعاشة، تارة بمساعدة الـ 400 ألف، وطوراً بإعاشات الجمعيات المانحة التي تصل الى شريحة صغرى من المجتمع، ما خلق حالة غضب واستياء لدى السواد الأعظم “ليش ما وصلتني الاعاشة؟”.
كلّما ازداد الخناق الاقتصادي والمعيشي أكثر، إزدادت الحاجة للمساعدة، والتي ترافقت مع فقدان العديد من السلع من الأسواق، لا سيما المدعومة التي بات العثور عليها أشبه بالمستحيل، وإن توفّرت فبـ”الحبّة” ولعدد قليل من الناس.
فأين ذهب المدعوم؟ ولماذا اختفى من الأسواق؟ وماذا عن السكّر، من المستفيد بفقدانه من الأسواق؟
منذ أيام عدّة والسكّر المدعوم مفقود من الأسواق، ما سمح لغير المدعوم بالتحليق، بحيث سجّل سعر الكيلو سبعة آلاف ليرة، والـ 5 كيلو بـ 30 ألف ليرة، اي ما يعادل يومية عامل مياوم في بلد لم يقدّم لسكانه الا الأزمات المدعومة. أما “العونة المعيشية” فالكلّ يسأل عنها.
وِفق المعلومات، فإنّ السكر المدعوم يجرى إفراغه من الاكياس وإعادة تعبئته ليباع بسعر السوق السوداء، فيما مراقبو وزارة الاقتصاد في حلّ من الرقابة، سيّما على الدكاكين التي تستغلّ المدعوم لبيعه بالمفرّق وفق سعر السوق السوداء.
وما سهّل عملية إخفاء المدعوم والتلاعب بسعره إقفال البلد والسوبرماركات التي اختفى السكّر عن رفوفها، وما توفّر داخلها يباع للفرد 5 كيلو فقط وبالـ”فلت”، ما حدا بالزبائن للسؤال أين المدعوم ومن سرقه؟
يؤكّد فاضل أنّ “المدعوم أخفاه التجّار الذين ينتظرون رفع الدعم ليحقّقوا ارباحاً خيالية، وأغرقوا السوق بالبضائع الفاسدة والمنتهية الصلاحية التي يجرى تغيير تاريخها”.
ويشير الى أنّه اضطرّ مرات عديدة لرمي علب الجبنة نتيجة طعمها الفاسد، وشوربا “الماجي” لرائحتها الكريهة”، ويلفت الى أن “المواطن سيدفع ثمن البضائع الفاسدة مزيداً من الأمراض السرطانية، أي أنّ التجار يخنقون الناس بالغلاء والفساد”.
ويعطي رامز لنفسه الحقّ بمطالبة وزارة الاقتصاد بالقيام بدورها والبحث عن المدعوم “لأن الناس بدا تاكل، طالما الحكومة لم توفر لها جرعة دعم غذائية”.
ليس المدعوم ما يشغل المواطن، أيضاً الأسعار الخيالية التي سجّلتها السلع بعد الفتح، ما أوقعه في أزمة أخطر ستدفع به للإنفجار عمّا قريب مع عجزه التدريجي عن شراء أهمّ مقوّماته الحياتية، سكّر، رز، عدس وزيت، التي بات شراؤها يحتاج لمعاش مياوم.
كلّ تلك الأزمات لم تحرّك نواب المنطقة باتجاه مدّ الدعم لمن صوّتوا لهم، ما حدا بكثير من الاهالي للتعجّب “هل يعقل ما زالوا بالحجِر، حتى طيفهم غائب كلّياً”.
وأكثرما يثير حفيظة الناس أنهم تُركوا لوحدهم في مواجهة ظروفهم القاسية، يتحكّم بهم التجّار الذين باتوا السلطة الأقوى في الميدان، يفرضون الأسعار التي تدرّ عليهم ارباحاً خيالية.
ويسأل المواطن متى تتحرّك الدولة لضبط السوق؟