هؤلاء هم الذين لا يريدون إنتخابات نيابية

كنت أشرت في مقال الأمس إلى أن “التيار الوطني الحر” يرى نفسه وحيدًا في ساحة المعركة الإنتخابية المقبلة، وهو كان يفضّل أن يقبل المجلس الدستوري الطعن الذي سبق أن تقدّم به، وذلك من أجل أن يضمن عدم مشاركة المغتربين في إنتخابات الربيع.

 

وردًّا على هذا الكلام وردتني إتصالات من بعض “العونيين” يؤكدون أن التحامل على النائب جبران باسيل هو في غير محله، وأن الأيام ستثبت عكس ما يُشاع،

 

وأن “التيار” سيخوض الإنتخابات النيابية بثقة الواثق بجمهوره وناسه ومؤيديه ومناصريه، وهم موجودون في كل مكان من لبنان، وفي بلاد الإنتشار، وسيحقّق نتائج قد تفاجىء الجميع.

 

للأمانة المهنية أوردت هذه الوقائع، ولكن ردّي كان أن “لبنان24” لا يتحامل على أحد وهو يورد المعلومات كما هي، ويحلّل المعطيات التي بين يديه بدقّة ومهنية وموضوعية.

 

فالذي يريد أن تحصل الإنتخابات النيابية كما وردت في التعديلات التي أجراها مجلس النواب على القانون الإنتخابي لا يتصرّف كما يتصرّف “التيار الوطني الحر”، وكأنه الوحيد الذي يملك الحقيقة المطلقة، وأنه الوحيد على حقّ فيما الآخرون، كل الآخرين،

 

الحلفاء منهم والخـــــصوم، على خطأ. وهذا دليل إلى أنه مأزوم إنتخابيًا، خصوصًا أن ثمة معلومات غير مؤكدة تفيد أن حزب “الطاشناق” يدرس إمكانية عدم تحالفه مع “التيار” في المتن وفي بيروت وفي زحلة،

 

فضلًا عن ترشّح أكثر من قيادي سابق في “التيار” على لوائح المجتمع المدني. ويُقال أن حظوظهم متقدّمة على المرشحين “العونيين”.

 

وما إصرار “التيار” على عقد جلسات لمجلس الوزراء بمن حضر، من دون الأخذ في الإعتبار ما يمكن أن يكون عليه موقف “الثنائي الشيعي”، يُعتبر نوعًا من صبّ الزيت على النـــــار، ومحاولة للإلتفاف على الحركة التي يقوم بها بها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي،

 

الذي يريد أن ينعقد مجلس الوزراء اليوم قبل الغد، ولكن ليس على طريقة “شمشون”، الذي هدّ الهيكل على رأسه ورأس من فيه. فالبلاد لا تحتمل المزيد من المغامرات الانفعالية، التي يمكن أن تؤدي هذه المرّة إلى إنعكاسات خطـــــيرة لا يعرف أحد ما يمكن أن ينتج عنها.

 

مع العلم أننا مع أن يأخذ المسار القضائي مجراه الطبيعي، والا يُستخدم مجلس الوزراء متراسًا لتسجيل مواقف سياسية نعتقد أنها لا تخدم في النهاية أحدًا، لأن ما يمكن أن يتخذه هذا المجلس من إجراءات وقرارات ستطاول مفاعيلها الإيجابية جميع اللبنانيين وليس فئة دون أخرى.
 

وفي هذا السياق يواجه رئيس الحكومة ضغوطًا متزايدة من جانب رئيس الجمهورية  لدعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد، حيث قال الرئيس عون كلامًا واضحًا في إجتماع المجلس الأعلى للدفاع:

 

“يجب إنعقاد مجلس الوزراء، وأنا لست ملزمًا بالتوقيع وحدي على أي قرار، ولا يمكن إختصار مجلس الوزراء في ظل حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية”.

 

ولكن الرئيس ميقاتي لا يزال عند موقفه المبدئي، وهو ليس في وارد الدعوة الى معاودة جلسات الحكومة طالما أن المعالجات لم تصل الى نتيجة، وأن مثل هذه الدعوة ستقود البلاد الى أماكن أخرى والى تصّـــــدعات جديدة، وتضع الحكومة أمام خطـــــر الإنفـــــجار من الداخل.

 

يدرك الرئيس ميقاتي أكثر من غيره أهمية وضرورة إنعقاد مجلس الوزراء، وكان يود أن يحصل ذلك قبل نهاية العام، ولكن ليس على طريقة النائب باسيل “تورد الأبل”. فهل يدركون ما ستكون عليه نتائج الفراغ الحكومي،

 

وهي بالتأكيد كارثـــــية، سواء على صعيد الوضع العام، أو على صعيد الإنتخابات النيابية التي ستكون عرضة للخـــــطر في ظل حكومة مستقيلة،

 

وسوف تُستخدم الإستقالة ذريعة لـ”تطيير” الإنتخابات. فبقاء الحكومة، وإن مشلولة، أفضل بكثير من إستقالتها، وهذا ما يطالب به المجتمع الدولي، وذلك لعدم حصول إنهـــــيار شامل في الوضع اللبناني أولًا، وثانيًا لضمان إجراء الإنتخابات كمحطة مفصلية،

 

وثالثًا لضمان وجود حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية وتكون جاهزة ومؤهلة لتسلّم الوضع في حال حدوث فراغ رئاسي لأي سبب من الأسباب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!