ما بعد زيارة باريس ليس كما قبلها
لبنان الذي يوشك على الغرق يحاول أن يستنجد بكل ما من شأنه إنقاذه، حتى ولو كانت “حبال الشمس”. لكن الحال، كما تقول مصادر ديبلوماســـــية، ليست بهذه الصورة الدرامية. البوادر مشجّعة.
والإستعدادات لمساعدة لبنان، سواء أكانت من القريب أو البعيد، قائمة على قدم وساق. لا شك في أن الزيارة لباريس ستليها زيارات أخرى لدول عربية وإقليمية وحتى غربية.
وإذا إستلزم الأمر فإن الرئيس نجيب ميقاتي على إستعداد لطرق كل الأبواب، التي يعتقد أنه لن تأتي منها الرياح. كان يُقال إن الغاية تبرّر الوسيلة.
فكم بالحري إذا كانت الغاية إنقاذ لبنان وإخراجه من عنق الزجاجة وإيصاله إلى برّ الأمان؟ فأمام هذه الغاية، التي لا تعلو عليها غاية أخرى، تصبح كل الوسائل مشروعة ومباحة.
فمتى حُدّد الهدف تصبح الوسيلة التي من خلالها يمكن الوصول إلى هذا الهدف ثانوية. أمّا إذا كان الهدف غير واضح فإن الرؤية تصبح عندها مشوشّة، وتصبح الوسائل بالتالي غير متوافرة وغير مفيدة،
إذ يُخشى أن تسود الفوضـــــى وتتشابك الأمور وتتداخل بعضها بالبعض الآخر. وهذا ما لن يحدث لأن الهدف لدى الذين إرتضوا تلقف كرة النار بأيديهم العارية محدّد وواضح وجلي كعين الشمس.
المـــــصادر الديبلوماسيـــــة،
التي واكبت التحضير لزيارة الرئيس نجيب ميقاتي لباريس، تؤكد بما لا يقبل الشك أن ما بعد هذه الزيارة لن يكون كما قبلها، خصوصًا أن للعاصمة الفرنسية علاقات وطيدة مع مختلف الأطراف اللبنانية، وهي على تواصل ولو غير مباشر مع قيادة “الحـــــزب “،
الذي تعتبره مكونًا أساسيًا من المكونات السياسيـــــة اللبنانية، وله حضوره السياســـــي من خلال ممثليه في البرلمان اللبناني.وعلى هذا الأساس تتصرّف.
وفي إعتقاد هذه المصادر أن ما يمكن أن تقوم به فرنسا لبنانيًا من المتعذّر أن تقوم به دولة أخرى، وذلك لعدّة عوامل، ومن بينها هذا الإرتباط العضوي بين اللبنانيين والفرنسيين، وهو إرتباط له جذوره التاريخية، وله حضوره السياســـــي كما الإقتصادي والثقافي.
ويضاف إلى كل ذلك أن واشنطن بإدارتها الجديدة تفضّل، كما يُعتقد، أن تتولى فرنسا مهمّة هندسة المخارج اللأئقة للأزمة اللبنانية،
التي لها خصوصية قد لا يعرف تفاصيلها أحد أكثر من باريس وبعض العواصم العربية، التي تربطها بلبنان علاقات تاريخية ووطيدة.
وتعتبر هذه المصـــــادر أن ما مرّت به علاقة لبنان ببعض أشقائه العرب من فتور ليس سوى غمامة صيف سرعان ما ستعبر، وذلك بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد أن يوضع قطار الإصلاحات الإقتصادية والمالية على سكتّه الصحيحة،
الأمر الذي يسمح بأن يسود التفاؤل مكان التشاؤم، على رغم محاولات البعض غير البريئة للدخول على خطّ العرقلة والحؤول دون تحقيق إنجازات ملموسة.
وحذّرت هذه المصـــــادر من محاولة البعض الإصطياد بالمياه العكرة، وذلك عن طريق بثّ الشائـــــعات والترويـــــج لمعلومات مغلوطة القصد منها التشويش على عمل الحكومة الجديدة، وإشاعة أجواء من الذعر في بعض الأوساط الشعبية، وتعميم حالات اليأس لدى الناس،
الذين لا يزالون ينفخون على اللبن إلى حين التأكد من أنه ليس حليبًا.
وفي رأي المصـــــادر ذاتها أن ما بعد زيارة باريس لن يكون كما كان سائدًا من قبل، مع التأكيد أن النتائج ستظهر تباعًا وعلى فترات متقاربة،
وهذا يعني أن ثمة إنفراجًا قريبًا ستشهده الساحة اللبنانية، وبالأخصّ في ما يتعلق بكل ما له صلة بمعيشة الناس، في حال لم تحصل أي مفاجآت غير متوقعة.