إشتعال نار أسعار الخضار قبل الشتاء والبندورة بـ 20 ألف ليرة
كتبت زينة عبود
يكافح المزارعون اللبنانيون للصمود ما أمكن بعدما أنهكتهم الأزمة الاقتصادية الكبرى التي ترزح تحتها البلاد في وقت تُعدّ سوق الدولار كما المحروقات مشكلة رئيسية ترتّب أعباءً هائلة على كاهل القطاع الزراعي في غياب أي بوادر حلول في الأفق.
أمام واقع التقنين في صرف الاعتمادات من قبل مصرف لبنان لتفريغ بواخر المحروقات،
ازدهرت السوق السوداء التي تحوّلت باب حلّ للمزارعين من أجل تأمين استمرارية القطاع. فالتحدي الأكبر اليوم هو فقدان مادة المازوت من السوق، وهي مادة أساسية لأعمال الريّ واستخراج المياه من الآبار،
وهذه العملية يقول رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان حويك
إنها تتطلّب كميات كبيرة من مادة المازوت بشكل أساسي بالإضافة الى الكهرباء لتشغيل ماكينات الريّ، ناهيك عن مصاريف النقل من منطقة الى أخرى.
هذا النقص الكبير بالفيول يدفع بالمزارعين الى شراء المازوت بأسعار مرتفعة جداً يفرضها المهرّبون الذين يتحكّمون بالسوق لأنهم الوحيدون القادرون على تأمين المادة بالكمية المطلوبة في أي وقت كان، فيما الدولة في غيبوبة عميقة لم تتكبّد يوما عناء الرقابة والضبط.
ويكشف حويك عن وصول سعر الصفيحة الواحدة من مادة المازوت الى مئة وخمسين الف ليرة، وهي مبالغ كبيرة لا يستطيع المزارعون تكبّدها لفترة طويلة لكنهم يحاولون الصمود لاستمرار إنتاج الزراعات،
مشيراً الى ان تكاليف الري والنقل تساهم في رفع أسعار المنتجات الزراعية في السوق بحيث تنعكس على المستهلك.
مع العلم أن القطاع الزراعي يساهم بنسبة خمسة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي إلا أن هذا القطاع لا يمثّل أهمية قصوى بالنسبة الى الدولة اللبنانية التي لا تقوم بأي مبادرة لدعم المزارعين الذين ما عادوا يلجأون اليها أساساً بعدما عجزت مراراً عن تقديم حلول ناجعة تنهض بهذا القطاع الحيوي.
وعما إذا كانت هناك إمكانية لدعم المزارعين من قبل وزارة الطاقة وإمدادهم بالمازوت،
استبعد حويك حصول ذلك خصوصاً انه ليس بالإمكان إحصاء عدد المزارعين فهناك عشرات الآلاف موزعون على كامل الأراضي اللبنانية، وأضاف: ”
هناك اقتراح قانون قابع في أدراج مجلس النواب منذ العام 2002 يقوم على انشاء سجلّ زراعي بهدف إحصاء وتحديد عدد المزارعين في لبنان الا أنه لاقى اعتراض اتحاد غرف التجارة والكتل النيابية التي تدور في فلك التجار”.
هذا الشتاء… البندورة بـ20 الف ليرة!
رغم خروج العديد من المزارعين من هذا القطاع بعدما مُنيوا بخسائر فادحة، إلا أن حويك يؤكد ان القطاع الزراعي مستمرّ في الإنتاج،
لكنه يحذّر من أننا مقبلون على مشكلة مع حلول فصل الشتاء بحيث أن كثيرين لن يتمكّنوا من شراء خيم النايلون بالدولار لتغطية زراعاتهم من الخضار تحديداً،
وبالتالي سيكون الإنتاج ضعيفاً وقد يصل سعر كيلو البندورة على سبيل المثال الى عشرين ألف ليرة. بين أزمة الدولار وشحّ المازوت،
لا ننسى تأثيرات الحظر السعودي على منتجات لبنان وهو ما أدى الى تراجع الصادرات بنحو خمسين ألف طن من أصل حوالى ثلاثمئة وخمسين الف طن،
قيمة الإنتاج السنوي، بحسب حويك الذي أوضح أن التصدير الى السعودية كان محصوراً بالبطاطا والحمضيات وهذه الأخيرة تراجع سعرها محلياً بعدما باتت موجودة بوفرة في لبنان،
فيما باقي الأصناف التي يتمّ تصديرها الى الخارج بقيت على أسعارها المرتفعة..
وتحدث حويك عن صراع في التسعير بين مصلحة المزارع ومصلحة المستهلك علماً ان المزارع هو نفسه مستهلك أيضاً.
ومع توقع وصول النفط العراقي الى لبنان خلال أسبوع أو اثنين، إلا ان رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين لا يبدو متفائلاً بأي معالجات في المدى المنظور حتى أنه لا يرى في الحلول السياسية من تكليف وتأليف حلولاً متوقعة،
إذ ان لا ثقة بالمنظومة السياسية الفاسدة الواجب تغييرها بالكامل،
معتبراً اننا اليوم أمام خيارين إما الفوضى الشاملة والقضاء على كل القطاعات، او عودة الثورة بشكل منظّم الى الشارع للضغط باتجاه تغيير أركان السلطة كافة.