تفرقة طائفية أدخلتنا في متاهة جماعتكم و جماعتنا
في ظلّ الأزمات السياسية و الإقتصادية و المالية و الإجتماعية الّتي يمرّ فيها لبنان.
بدأت تجتاح شوارع لبنان المنتفضة، أفكار عنصرية. و بدأنا نشتم رائحة الفتنة الّتي لا يُخْفى على أحد أنّ هناك من يسعى لإشعال فتيل الحرب بين الطوائف.
في المدارس، لطالما تعلّمنا أنّ لبنان متعدّد الأديان و الطوائف، وأنّ هذا ما يميّزه.
في المدارس، لطالما تعلّمنا أن نحترم الآخر، مهما كان دينه أو مذهبه.
في المدارس، لطالما تعلّمنا أنّ حرية التعبير عن الرأي هي حق لكل فرد في المجتمع.
في المدارس، لطالما تعلّمنا أنّ لبنان بلد العيش المشترك و السلم الأهلي.
في المدارس، تعلّمنا أنّ الله واحد مهما إختلفت الأديان.
وإذا أردنا أن نبدأ الحديث عن الواقع الّذي نعيشه اليوم، فعلينا أن نتحدث عن بعض رؤوس الحربة الّتي تسعى لإدخال البلاد في حرب أهلية، قد تكون هذه المرة مدمّرة إذا صحّ التعبير.
إذا لاحظ من يشاهدون التلفاز، أنّ هناك إحدى قنوات التلفاز التابعة لتيار سياسي معيّن، همّها أن تهاجم بعض الطوائف. وكأنّ لبنان ملك لطائفة دون سواها.
ولا نستغرب عندما يتحدّث أحد نواب وهو رئيس تيار عن حقوق المسيحيين، ونسي أنّه نائب عن الشعب اللبناني، وليس نائب عن طائفة معيّنة.
منذ عدّة أيام و بالتحديد بعد أن إعتذر الحريري عن التأليف، بدأ الحديث عن من سيكون البديل عن الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة.
وهنا علت الأصوات وبدأت الخلافات، وكأنّ رئاسة الحكومة شوكة في حلقهم.
وهنا علينا أن نطرح سؤالاً: لماذا عندما يتعلّق الأمر برئاسة الحكومة تقوم القيامة؟ هل لأنّ رئاسة الحكومة من حصة الطائفة السنية؟
بدأ الشارع بالحديث فيما بينهم بطريقة عنصرية طائفية بإمتياز.
ففي أحد المجالس، بينما كنت أتحدث أنا و مجموعة من الأصدقاء، يقول أحدهم: “أنّ جماعتكم ليس لديها فرصة في تحصين و حماية طائفتكم”. ولم يتوقّف هنا، بل أضاف على كلامه، وقال:
“نحن جماعتنا لديها من يدافع عنها، و لا يسمح لأحد بأن يتطاول عليها، وأنّ السبب بأنّ جماعتكم لا تحب بعضها، فحتّى من يتزعمون طائفتكم لا يهمهم سوا مصلحتهم، بدل أن يسعوا لحماية حقوق طائفتكم”.
اليوم لبنان، بدأ بأزمة أخطر من سابِقاتِها، هي أزمة طائفية، فهناك من يحاول إشعال فتيل الحرب الأهلية.
اليوم، أصبحنا نتحدث مع بعض بلغة الجماعات (جماعتي و جماعتك).
أين ذهبت الدروس الّتي تعلّمناها في المدارس عن العيش المشترك، و عن إحترام الآخر؟
يجب علينا نحن الشعب اللبناني بكل أطيافه، أن نكون أكثر وعياً، وأن لا ننجر وراء الفتنة، الّتي قد تؤدي لعواقب وخيمة.
نوال العبدالله