لا عودة الى الحرب الاهلية
على رغم الاشكالات التي حصلت في الأيام السابقة، والتي تنقّلت بين نهر الكلب وشارع الحمراء وفي جبل محسن وفي غير منطقة بقاعية،
فإن ثمة إصرارًا من قبل الجيش والقوى الأمنية على حصر أي إشكال في مكانه وزمانه، مع الحرص على عدم السماح بتفاعلات شعبية متنقلة.
بمعنى آخر، فإن هناك قرارًا على مستوًى أمني عالٍ بمنع جرّ البلاد إلى حرب أهلية جديدة، والعمل بقوة على الحؤول دون الإنجراف في تيارات غير مستحبة،
خصوصًا أن الأجواء في الإقليم توحي بأن الأمور سائرة نحو الحلحلة،
على رغم الإضطرابات في قطاع غزة، والإستفزازات الإسرائيلية المستمرة على الجبهة الشمالية مع الجنوب اللبناني.
بعض العائدين من عاصمة أوروبية معنية بالشأن اللبناني مباشرة ينقلون عن مسؤولين عسكريين أن ثمة قرارًا دوليًا بالحفاظ على إستقرار لبنان وعدم السماح بتعكير جو الأمن والأمان فيه،
مع إعترافهم بأن الوضع الإجتماعي السائد فيه قد يعزّز بعض المناخات المؤاتية لإحداث أمنية متفرقة وفردية.
ويشدّد بعض المتعاطين بالملف اللبناني على أن لبنان يحتاج حاليًا إلى حكومة وليس إلى أي شيء آخر، وذلك من أجل الإسراع في فرملة الإنهيار الشامل،
والإنتقال فورًا ومن دون مماطلة وتسويف إلى مرحلة الإنعاش، وذلك عبر خطوات سريعة ومتسارعة لوضع لبنان على سكة التعافي،
والمباشرة بخطوات إصلاحية مبرمجة وفق خطة واضحة المعالم ومحدّدة الأهداف، وذلك بالتزامن مع بدء مفاوضات جدّية ومجدية مع صندوق النقد الدولي،
وتفعيل مفاوضات ترسيم الحدود بما يتوافق والمصلحة اللبنانية.
ولم يخفِ هؤلاء المسؤولون قلقهم من دخول بعض العوامل الخارجية على خط تعقيد الحلول الخاصة بلبنان، ومعاودة تحريك المياه الراكدة،
وذلك من أجل إبقاء الورقة اللبنانية وسيلة ضغط في أي مفاوضات مستقبلية في الإقليم،
وهذا الأمر تعكسه من وقت إلى آخر مواقف محلية يُشتمّ منها عدم ترك الساحة اللبنانية الداخلية في منأى عمّا يجري في المنطقة.
وفي رأي المحللين فإن من مصلحة الدول، وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية،
أن يكون لبنان مستقرًّا وآمنًا، في منطقة مهتزّة على رغم بعض الأجواء الإيجابية المسيطرة فيها،
وبدء ظهور مؤشرات مختلفة في السياسة الأميركية الخارجية في عهد الرئيس جو بايدن عمّا كانت عليه في عهد دونالد ترامب.
وفي التوقعات المرتقبة في القريب المتوسط يُنتظر أن تسفر محادثات فيينا عن بعض الإيجابيات، التي سيكون لها إنعكاسات لا بدّ من أن تظهر نتائجها في أكثر من مكان،
وبالأخص في لبنان، الذي لا تزال الحلول الممكنة فيه مرتبطة بشكل أو بآخر بتعقيدات أزمات الإقليم.
وقياسًا عليه، تبني مصادر قريبة من القرار الأمني نظرتها التفاؤلية بالنسبة إلى الوضع الأمني في لبنان، مؤكدة أنه ممسوك على عكس الأجواء التي أشيعت منذ فترة،
والتي تركت آثارًا سلبية على مستوى الأمن الداخلي.
وعلى رغم بعض الأجواء المتشنجة الناتجة عن مناخات سياسية مضطربة فإن ثمة تأكيدًا أن لا عودة إلى الوراء،
وأن الحرب الأهلية أصبحت وراء اللبنانيين الغارقين هذه الأيام في هموم معيشية وإقتصادية مزرية.