الارتطام الكبير باث وشيكاً والمعرقلون لن يجدوا بلداً يحكموه

لا شيء في لبنان يوحي بأن الأزمات قد تسلك طريقها نحو الحل، لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في المال ولا في الأمن ولا في لقمة العيش الذي بدأت الطبقات الفقيرة تستجديها عشية شهر رمضان المبارك،

بل على العكس فإن كل الأمور توحي بأن الوضع الى مزيد من الانزلاق وصولا الى الارتطام الكبير الذي بات وشيكا وسيؤدي الى تشظي البلد وإنهياره بالكامل كيانا ودولة ومؤسسات ومسؤولين وشعبا.

كل ذلك والمعنيون بتشكيل الحكومة يعيشون في “المريخ” أو “فوق سطح القمر”، ويؤكدون يوما بعد يوم أنهم يفتقدون الى الحد الأدنى من الحس الوطني ومن المسؤولية المجتمعية، ويقدمون أنفسهم كذئاب يلهثون وراء فرائس من مصالح ومكاسب ومناصب، ولو كان ذلك على حساب الخراب الذي لن يكونوا بمنأى عنه.

بعد أكثر من خمسة أشهر على التكليف والتعطيل وذر الرماد في العيون وفتح الحروب الجانبية، والاتهامات المتبادلة والتجاذبات التي وصلت الى درك مخزٍ أمام معاناة اللبنانيين، لا بد من الاشارة الى سلسلة من الخلاصات حول الوضع القائم والتي وصل إليها كثير من المتابعين.

ـ لا حكومة في الأفق اللبناني حتى يحصل جبران باسيل على “الثلث المعطل” وما دون ذلك تضييع للوقت وإطالة لأمد الفراغ.

ـ لا توقيع على مراسيم حكومية من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون إذا لم يتم إرضاء جبران باسيل.

ـ جبران باسيل حوّل نفسه الى رئيس الجمهورية الفعلي، بعدما وضع يده على كل المفاصل الأساسية في قصر بعبدا، وهو اليوم المتحكم الأوحد بتصرفات ومواقف وسلوك الرئيس عون.

ـ المستهدف الأول في لبنان اليوم هو إتفاق الطائف الذي خاص الرئيس عون حروبا ضارية لمنع إنجازه في العام 1989، ثم أقسم اليمين على الحفاظ عليه عندما إنتخب رئيسا للجمهورية كونه دستور البلاد، ثم إنقلب عليه عندما بدأ ممارسة مهامه من خلال محاولات ضربه وتعديله بالأعراف والممارسة والافتراء عليه بتضمينه مواد لا تمت إليه بصلة.

ـ حرب إلغاء جديدة تلوح في الأفق بين الرئيس عون والقوات اللبنانية بدأت بوادرها تظهر ببيانات نارية تحريضية تؤجج الشارع وتضاعف من الحقد بين الطرفين.

ـ حرب على صلاحيات رئيس الحكومة التي كفلها إتفاق الطائف من قبل فريق العهد الذي يريد إدخال الرئيس عون كشريك مضارب للرئيس المكلف في تشكيل الحكومة.

ـ حقد شخصي يسعى الحريري الى تصفيته مع باسيل بتجاهله وعدم التعاطي معه وصولا الى تعطيل أي تواصل أجنبي معه.

ـ التاريخ يعيد نفسه في الخلاف الكبير بين بكركي والرئيس عون، خصوصا بعدما حسم البطريرك الراعي الموقف بأن لا تدقيق جنائيا قبل تشكيل الحكومة،

وذلك في إشارة واضحة الى أن عون يطرح هذا الأمر لحرف الأنظار عن تشكيل الحكومة التي يسعى لاعطاء باسيل الثلث المعطل فيها تحت شعار الميثاقية ووحدة المعايير التي سخّفها الراعي، وهو بالتالي لم يسلم من “الصليات البرتقالية” التي إنطلقت من قصر بعبدا وإمتدت الى ميرنا الشالوحي.

ـ تخبط ضمن الحزب بين التحرر من حليفه ميشال عون وإنقاذ الوضع، أو دعم توجهاته على حساب الانهيار الكامل.

في غضون ذلك، فلتان أمني أفقي، سرقات تتنامى وصولا الى السطو المسلح، لا سقف لارتفاع سعر صرف الدولار، أزمات في الخبز والمحروقات والكهرباء والدواء واللحوم، حجب كل أنواع المساعدات عن لبنان بإنتظار تشكيل حكومة،

والأخطر من كل ذلك قطع المصارف المراسلة علاقاتها المالية مع البنك المركزي وما يحمله ذلك من تهديد بعودة لبنان الى العصر الحجري في تفاصيل حياته اليومية، إضافة الى موت شعبه إما من المجاعة أو من فقدان الأدوية أو من التقاتل على كسرة خبز.

أمام هذا الواقع الأليم، ثمة من يسعى الى طموحات حكومية وتطلعات رئاسية، في حين تشير كل المعطيات الى أنه في وقت قريب لن يجد أي من المعرقلين لتشكيل الحكومة بلدا ليحكموه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!