تسعر البطاطا يرتفع… وشحّ “لحمة الفقير” في الأسواق وارد

“النهار”

“كيلو البطاطا لا يقلّ عن 2000 ليرة، البطاطا هي لحم الفقير، لا يُعقل أن نشتري الكيلو منها بـ 2500 و2750 ليرة”، تقول سيدة تشتري البطاطا في أحد محلات الخضار، ليجيب عليها البائع بالقول: “لا تستعجبي، سيصل كيلو البطاطا إلى 5000 ليرة”. هذا الحوار هو عينة عمّا يعيشه المواطن في هذه الأيام بعد ارتفاع سعر البطاطا منذ الأسبوع الماضي من نحو 1250 إلى 2500- 2750 ليرة اليوم.

البطاطا التي تعتبر أكل الفقراء وأرخص أنواع المزروعات التي تشبع البطون بأبخس الأثمان، تتحوّل إلى سلع مرتفعة الأسعار لكثير من الأشخاص. لكن ما سبب ارتفاع سعرها الآن بالتحديد، وهل من الممكن أن يرتفع أكثر؟

“هذه السنة كانت تكلفة كيلو البطاطا على المزارع 1600- 1700 ليرة، لذا هو أمر طبيعي أن تُباع بالأسعار الموجودة حالياً في السوق أي 2500-3000 ليرة، لأنّه إذا بيع كيلو البطاطا بأقلّ من ذلك سيكون خسارة على المزارع”، يشرح وزير الزراعة عباس مرتضى لـ “النهار”.

ويتابع بالقول: “يجب أن نكون واقعيين، وعلينا أن نقتنع أنّنا نتعامل بجزء من حياتنا على سعر 3900 للدولار وبـ 98% منها على سعر 8000 ليرة للدولار، وما زال الناس غير مقتنعين بذلك، فكيف يمكن أن يبيع المزارع كيلو البطاطا بـ 1000 ليرة وتكلفته من دواء وأسمدة وباقي المستلزمات ارتفع سعرها عليه؟ فالمزارعون اشتروا مستلزماتهم الزراعية على سعر 7000 و8000 ليرة، لذا لا يمكن بيع المزروعات على الأسعار القديمة”.

وعمّا إذا كان سيرتفع سعر كيلو البطاطا رغم ثبات سعر #الدولار تقريباً، يفيد مرتضى أنّ السبب الأساسي لرفض وزير الاقتصاد رفع الدعم، هو كي لا يزرع المزارعون في السنة المقبلة على سعر 8000 للدولار، عندها سيكون كيلو البطاطا بـ 5000 أو 6000 ليرة، بينما الآن على سعر 3900 ليرة أي مع الدعم، يمكن ضبط إيقاع الأسعار لإنتاجٍ رخيص الثمن يمكن أن يستفيد منه المواطن.

“وإذا لم يتمّ دعم المزارع بالبذور والأسمدة والمواد الأولية للزراعة، كيف سيأكل المواطن؟ لأنّه بحال خسر المزارع، فلن يزرع مجدداً، ولن يكون قادراً على بيع كيلو البطاطا بـ 5000 ليرة مثلاً”، وفق الوزير. وبرأيه، الخطة الحالية في هذا الإطار أن يستمر الدعم على المدخلات الزراعية (المواد الأولية) تحديداً، لأنّه “إذا رفعنا الدعم، سيصل كيلو البطاطا في السنة المقبلة إلى 10000 ليرة، إذ لا أحد سيزرع على سعر الدولار بـ10000 ليرة والتكلفة ستكون مرتفعة على المزارع “.

على ما يبدو أنّ التجار خزّنوا البطاطا في البرادات، فهم اشتروا منذ نحو 15 يوماً البطاطا على سعر 1200 ليرة، وهذا نوع من الاحتكار، بحسب رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك. ويشرح أنّ سعر الـ 1000 ليرة للكيلو يُعتبر خسارة بالنسبة للتكاليف التي ينفقها المزارع لأنّه يدفعها على سعر 3000 ليرة وأكثر. “طلبنا دعم الزراعة على 1500 ليرة لكن لا رؤية من قبل المعنيّين في الحكومة في ما يتعلق بالزراعة”، برأيه. ويقدّر تكلفة المستلزمات الزراعية سنوياً بـ 170 مليون دولار، وإذا ما دعمت الحكومة المستلزمات، يبقى كيلو البطاطا على سعر 700-800 ليرة كسعر الجملة.

إذا لم يخسر المزارع، يزيد زراعته في الموسم أو السنة المقبلة ما يؤدي إلى انخفاض في سعر البطاطا ويستفيد بذلك المستهلك. والربح أكثر حالياً يكسبه التاجر، ومن المؤكّد أنّ هناك مزارعين يقلعون البطاطا ويستفيدون من بيعها، وإذا ما باعوها بـ 2000 ليرة للكيلو، هم بالطبع مستفيدون. وإذا ربح المزارع، سيُبقي هذه الأرباح ليزرع بها الموسم المقبل، وإذا ما كان مرتاحاً يزرع 200 دنم من البطاطا بدلاً من 100 وبذلك يزيد الإنتاج فتنخفض الأسعار. لكنّنا “سنشهد حتماً ارتفاعاً بأسعار جميع المزروعات وليس البطاطا فقط”، وفق الحويك.

برأيه، هناك ما يسمّى بإدارة الملف الزراعي، وهو مسؤولية وزارة الزراعة بالتعاون مع وزارة الاقتصاد، لكن الدولة غائبة ولا تلاحق لتفرض توازناً بين مصلحة المزارع ومصلحة المستهلك، لذا سنشهد الكثير من هذه الحالات.

ويعود سبب ارتفاع سعر البطاطا، وفق نقيب مزارعي البطاطا جورج صقر، إلى السياسة الخاطئة التي ينتهجها وزير الاقتصاد، ويقول: “حتّى الآن لم نرَ شيئاً والخير لقدّام”.

لم يعد باستطاعة المزارع شراء مستلزمات الزراعة ليزرع وينتج، وهو ما زال يزرع من رأسمال السنة الماضية ولم يصل للدعم بعد. وقد عجز هذه السنة عن تسديد ثمن المستلزمات، و”كان من المفترض أن يكون لدينا موسم بطاطا وأن يقلعه المزارع في شهري تشرين الأول وتشرين الثاني، لكن لم يستطع تأمين ثمن مستلزماته الزراعية”، وفق صقر.

وبنظره، “من المؤكد أن نشهد انقطاعاً بالبطاطا وسيرتفع سعرها لأنّ لا أحد قادراً على الزراعة”. وطالب وزير الاقتصاد أن يدعم المازوت والبذور والأسمدة الكيميائية والأدوية ليستمرّ المزارع بالزراعة، وإلّا لن ينتج ولن يؤمّن الأمن الغذائي.