“دير شبيغل”: مالك “روسوس” مرتبط ببنك لـ”حزب الله”؟
أظهر تقرير لمجلّة “دير شبيغل” بالتعاون مع “مشروع الاستقصاء حول الجريمة المنظمة والفساد” مؤشرات جديدة مرتبطة بسفينة “روسوس” التي أوصلت 2750 طناً من نترات الأمونيوم إلى مرفأ بيروت حيث خزّنت منذ ستّ سنوات قبل أن تنفجر في الرابع من آب.
تقول الرواية الأساسية إنّ السفينة تعود إلى رجل روسي يدعى إيغور غريشوشكين. وكانت الشحنة متوجّهة إلى شركة “مصنّع المتفجّرات الموزمبيقيّ”. وجد التقرير المشترك أنّ غريشوشكين لم يملك السفينة بل رجل الأعمال القبرصي شارالامبوس مانولي الذي احتفظ بعلاقات مع مصرف يستخدمه “حزب الله” في لبنان. ووجد التقرير أيضاً انّ كمية ملحوظة من نترات الأمونيوم اختفت قبل الانفجار.
بذل مانولي كل جهد لإخفاء ملكية “روسوس”. تدبرت إحدى شركاته تسجيل السفينة في مولدوفا. وأعطت شركة أخرى في جورجيا “ماريتيم لويد” شهادة صلاحية السفينة المتهالكة للإبحار. وفي النهاية، استأجر غريشوشكين السفينة عبر شركته “تيتو شيبينغ” المسجلة في جزر مارشال.
حين استجوب “مشروع الاستقصاء حول الجريمة المنظمة والفساد” مانولي حول السفينة، قال إنّه باعها إلى غريشوشكين قبل أن يعترف بأنّ المواطن الروسي حاول شراء السفينة فقط. بعدها، رفض مانولي تقديم أي معلومة إضافية.
أعطى غريشوشكين الأوامر إلى طاقم “روسوس”. وأمر بأن تتوقّف السفينة في بيروت خلال طريقها من جورجيا إلى موزمبيق، علماً أنّ هذا التوقف لم يكن مخططاً له أصلاً ضمن جدول الرحلة. يبدو السبب الرسمي مشكوكاً به: زعم غريشوشكين أنّه لم يملك المال لدفعه مقابل اجتياز السفينة قناة السويس. ولهذا السبب، كانت هنالك حاجة إلى شحن المزيد من الحمولة في بيروت كي تُسلّم إلى الأردن.
كان من المقرّر أن تُحمّل السفينة مجموعة من السيارات. لكن بدأت المشكلة أثناء تحميل السيارة الأولى التي اصطدمت بأحد الأبواب حين كان العمّال يحاولون إصعادها إلى متن السفينة. وتمّ إجهاض العملية برمّتها بسبب هذه المشكلة.
في نهاية المطاف، لم تغادر “روسوس” بيروت قط. تحرّكت شركتان على الأقلّ من الشركات التي كان مانولي يدين لهما بالمال كي تحتجزا السفينة. ووجدت السلطات في بيروت أيضاً أنّ “روسوس” لم تكن مؤهلة للإبحار.
تابع التقرير أنّ السلطات اللبنانية لم تبدُ على علم بأنّ مانولي كان المالك الحقيقي للسفينة. وفي جميع الأحوال، لم يظهر اسمه في أيّ من المراسلات الكثيرة. وبعكس المواطن الروسي الذي استأجر السفينة، كان لمانولي علاقات عمل في لبنان. أظهرت السجلّات أنّ مانولي أخذ قرضاً بـ 4 ملايين دولار سنة 2011 من بنك “أف بي أم إي” التنزاني لشراء سفينة أخرى.
لكنّ “أف بي أم إي” ليس أيّ بنك بحسب التقرير نفسه. اتّهم المحققون الأميركيون تلك المؤسسة بتبييض الأموال لصالح “حزب الله”. وكان زبون آخر للبنك مشتبهاً في أنّه شركة واجهة سورية متورطة في برنامج الأسلحة الكيميائية في تلك البلاد. كان مانولي يدين بالمال لهذا البنك.
بعد شهر واحد من حصوله على القرض، تعثرت شركة مانولي “سي فورس مارين” المحدودة ومقرها أميركا الوسطى عن سداد الدفعة الأولى. قدّم مانولي “روسوس” كضمان لكنّ البنك اشتبه في أنّ مانولي أراد بيع السفينة فصادر ممتلكاته العقارية في قبرص. وأظهرت الوثائق الداخلية لذلك البنك أنّ مانولي كان لا يزال يدين له بـ 962 ألف أورو في تشرين الأول 2014.
وينفي مانولي أي صلة بين هذه الديون وبين توقف السفينة في بيروت. لكنّ محققاً يقول إنّ بنك “أف بي أم إي” شهير بالضغط على المقترضين المتعثرين كي يؤدّوا خدمات لزبائن مشتبه فيهم مثل “حزب الله”.
كان الشاري الرسمي لنترات الأمونيوم “مصنع المتفجّرات الموزمبيقيّ” موضوع تحقيقات أيضاً. حققت السلطات الإسبانية في شركة “مورا سيلفا إي فيلوس” التي تملك 95% من ملكيّة المجموعة، في قضية مرتبطة بالهجوم الإرهابي في مدريد سنة 2004. وعلى الرغم من أنّهم لم يصلوا إلى إدانة الشركة بمساعدة الإرهابيين، حدد المحققون 785 كيلوغراماً من المتفجرات على أنّها لم تكن مدرجة في دفاتر الشركة.
“مورا سيلفا إي فيلوس” ليست متأنية حين يتعلق الأمر باختيار شركائها التجاريين. تقول الخبيرة الأميركية في تهريب الأسلحة كايثي لين أوستين إنّ للشركة علاقات وثيقة مع الزمرة الحاكمة في موزمبيق إضافة إلى علاقات مع آخرين.
لكنّ شركة “مصنّع المتفجّرات الموزمبيقيّ” لم تطالب بملكية 2750 طناً من المادة المتفجرة على الإطلاق، بالرغم من أنّ السلطات اللبنانية لم تصادر “روسوس”. في سنة 2015، طالب محامي سمسار نترات الأمونيوم بتفحّص السلطات اللبنانية نوعية وكمية الشحنة.
لكنّ سجلات المحكمة لا تظهر أي محاولة من الوسيط لاسترجاع شحنته التي بلغت قيمتها الأساسية 700 ألف دولار. ولم يبذل مانولي جهداً لاسترجاع سفينته التي غرقت خارج المرفأ في شباط 2018. ولم يستطع معدّو التقرير الوصول إلى غريشوشكين للحصول على تعليق.
في نهاية المطاف، تُركت الشحنة. لا أحد اعترف بأنّه اشتراها ولا أحد حاول استرجاعها. وتساءل معدّو التقرير حول ما إذا كانت النيّة بإبقاء نترات الأمونيوم في العنبر رقم 12. بالمقابل، يقدّر مسؤولون استخباريون في أوروبا منخرطون في التحقيق كمّيّة المواد التي انفجرت ما بين 700 و 1000 طن.
“لكن أين ذهبت بقيّة الكميّة الأكبر بكثير من المتفجّرات الكيميائيّة؟ هذا واحد من بين أسئلة عدّة سيحتاج المحققون إلى الإجابة عنها”، بحسب التقرير.