هل تحوّل حسان دياب الى رئيس حكومة الوقت الضائع؟
يسعى الرئيس حسان دياب الى كسر العزلة المفروضة عليه نتيجة اللون السياسي الواحد الذي يخيم على حكومته العاجزة عن مواجهة الأزمات التي تتوالد وتمتد أفقيا يوما بعد يوم.
وبما أن أكثرية الأبواب السياسية باتت مقفلة أمامه، فقد وجد ضالته في المرجعيات الدينية من دار الفتوى في بيروت الى الصرح البطريركي في الديمان، وذلك بهدف الحصول على الغطاء الديني والوطني من المفتي عبداللطيف دريان ومن الكاردينال بشارة الراعي.
يمكن القول، إن الزيارتين الى المرجعيتين السنية والمارونية لم توفرا الدعم الذي كان يتمناه دياب لنفسه ولحكومته، حيث بات معروفا أن ثمة هوّة سحيقة بينه وبين المفتي دريان الذي يقوم بواجبه في إستقبال رئيس حكومة لبنان (السني) من دون وجود أية كيمياء بينهما أو تلاق في النظرة الى الشؤون السياسية والوطنية.
كما ظهر جليا أن الكاردينال الراعي تحدث في إتجاه، وأن دياب تحدث في إتجاه مغاير، ففي الوقت الذي يرفع فيه الراعي شعار “حياد لبنان” ويجهد في تفسيره لكل المرجعيات والقيادات السياسية بهدف “الانقاذ”، وجد اللبنانيون أن دياب إرتبك في الرد على السؤال المتعلق بالحياد، وتلعثم في مقاربة هذا الموضوع الذي من المفترض أن يترجم من خلال النأي بالنفس ويكون بمثابة خارطة طريق بالنسبة لحكومة تقف على الأبواب الاقليمية والدولية للحصول على المساعدات المالية والتي يطلب أصحابها من لبنان أن ينأى بنفسه عن أزمات المنطقة، وأن يبدأ بالاصلاحات المطلوبة، إلا أن الحكومة ما تزال تدير ظهرها لهاتين المسألتين.
لم يكذب حسان دياب عندما أعلن للبنانيين من الصرح البطريركي في الديمان أنه “لن يستقيل”، كما لم يبالغ بقوله إن “البديل غير متوفر وإن الحكومة ستذهب في حال الاستقالة الى تصريف الأعمال لسنة أو سنتين”، لكن المبالغة كانت في محاولة حسان دياب تحويل الفشل الحكومي الى سلسلة من الانجازات الأمر الذي أثار حفيظة الكثيرين لأمور ثلاثة هي:
أولا: إستخدام رئيس الحكومة منبر الصرح البطريركي للحديث مجددا عن “سراب” الانجازات التي لم يلمس اللبنانيون منها شيئا.
ثانيا: محاولته “الضحك على ذقون اللبنانيين” بتأكيده أنهم لا يعرفون شيئا عن الاصلاحات التي قامت بها الحكومة، في الوقت الذي يعرف فيه اللبنانيون جيدا أنهم في ظل عهد دياب يواجهون شتى أنواع الأزمات والذل والقهر من جنون الدولار، والغلاء الفاحش، والفقر والجوع والبطالة والصرف التعسفي من المؤسسات، وإنعدام التيار الكهربائي، وإنتشار النفايات، وفقدان المحروقات، وإرتفاع سعر ربطة الخبز، وندرة الأدوية، وغياب الاستشفاء، وصولا الى توقف معاملات المواطنين من إخراجات قيد عائلية لعدم توفر الأوراق، وفقدان أوراق الامتحانات للجامعة اللبنانية، وتهديد العام الدراسي المقبل لعدم إمكانية طبع الكتاب المدرسي وغيرها كثير مما يُشعر اللبنانيين أنهم غرباء في وطنهم.
ثالثا: “النرجسية” التي تحدث بها دياب، والتي تؤكد أنه يعيش في عالم آخر عن معاناة المواطنين، وهذا ما لا تقبل به المرجعيات الدينية التي تدعو دائما الى التواضع والى خدمة الناس بصدق.
اللافت أن دياب يتحدث عن عدم إستقالته وعن إستمرار حكومته، مقتنعا بأنه لا يزال ضرورة للبلد، في حين أن كل المعطيات تشير الى أن بقاءه اليوم نابع من عدم توفر البديل، الذي لن يكون حاضرا قبل وضوح الرؤية تجاه التطورات السياسية المحلية والاقليمية والدولية، معطوفة على مصير العقوبات المفروضة على لبنان، ومحاولات حصار حزب الله، وصولا الى الانتخابات الأميركية المقبلة، ليُبنى بعد ذلك على الشيء مقتضاه.. والى أن يحين هذا الموعد، أو حدوث أي طارئ من شأنه تغيير المعادلات في المنطقة، سيبقى حسان دياب يتغنى بانجازات وهمية كرئيس لحكومة الوقت الضائع، وسيبقى اللبنانيون يتخبطون بأزماتهم.
غسان الريفي
المصدر سفير الشمال