14 شباط 2022… سعد مُتْرع بالخيـــــ.ــبات وفرص بهاء غير متيسرة
بين 14شباط 2005 و14شباط 2022، عصفت تحولات كبرى بالساحة السنية. التحول الأبرز هو غياب الرئيس رفيق الحريري الذي أحدث استشهاده فراغا كبيرا عوضت عنه مناخات التعاطف والغضـــــ.ــب وردة الفعل الدولية والمحلية التي أدت إلى إخراج الجيش السوري من البلاد وأورثت الزعامة السنية للرئيس سعد الحريري،
لكن منذ ذلك الوقت وحتى 14شباط 2022، لم تستقر الأمور أمام زعامة الحريري على الرغم من أنه تمكن عاطفيا من جذب الولاء السني لدى شرائح واسعة وانتهج سياسة معتدلة، جنبت البلاد الانزلاق إلى اضطـــــ.ــرابات وصـــــ.ــدامات مذهبية.
على الرغم من كل ذلك، سلكت زعامة الحريري مسارا انحداريا، فلم تتمكن إدارته من التوفيق بين تناقضات محلية واقليمية مستعصية، ولم يسعفه في ذلك، لا موازين القوى المحلية ولا تحالفاته الداخلية أو تفاهماته المستجدة.
الحريري مُتْرع بالخيبات السياسية والتي شكل إعلانه تعليق العمل السياسي الترجمة الفعلية لها على نحو دراماتيكي غير مسبوق في الحياة السياسية اللبنانية.
كل ذلك يفتح في 14شباط 2022 على مرحلة جديدة سنية، يظللها مزيج من غموض وارتباك وتفسخ في النسيج السياسي السني.
ثمة فراغ سياسي اوجده انكفاء الحريري وتعليق العمل السياسي لتيار المستقبل لا يمكن نكرانه. فمن سيرث فعليا الحضور والزعامة؟
في السياسة، الفراغ مخالف للطبيعة والانتظار الطويل مخالف لمنطق السياسة، و”الجمهور الحريري”، لن ينتظر الشيخ سعد سنوات اربع مجهول ما بعدها، ولن يعلق هذا الجمهور مصالحه على مشجب الانتظار، يقول مرجع سياسي بارز.
فما بين رجل الأعمال بهاء الحريري والرئيس فؤاد السنيورة والزعامات المحلية العائلية والاقطاعية التي كانت تنطوي في إطار كتلة المستقبل ، كلها ستخوض في ما بينها لعبة الصـــــ.ــراع على التركة الشعبية لسعد الحريري.
لا شك أن ثمة شريحة ستفضل الانكفاء وأخرى مترددة ستلحق مصالحها أينما وجدت، وربما يجد البعض ضالته عند الشخصيات السياسية الحليفة للحـــــ.ــزب، وفي المحصلة ثمة زلـــــ.ــزال عصـــــ.ــف بهذه الطائفة،
وشق تصدعاته في كل اتجاه وربما لسنوات عديدة لن يشهد لبنان زعامة سنية يمتد نفوذها على مدى التواجد السني في أرجاء الوطن، يقول المرجع نفسه.
الرئيس نجيب ميقاتي، سيكون المرشح الطبيعي للعب الدور السياسي الأكثر نفوذا، معززا زعامته الشمالية ومكرسا دوره الذي لا غنى عنه في إشغال موقع الرئاسة الثالثة.
في الواقع، لا يقتصر البحث في دراسة أثر الفراغ الحريري على الخريطة الداخلية فحسب، إنما أيضا على مستوى علاقتة الإقليمية بهذه الساحة،
فهل ستبقى السعودية اللاعب الأبرز رغم انكفائها أم أن الفرصة باتت مؤاتية للمصريين والأتراك وربما لقوى أخرى (الأردن والامارات) للعب دور أكثر انغماسا بالتفاصيل اللبنانية وأكثر فعالية بالتأكيد في خريطة الواقع التمثيلي السني؟
في هذا الإطار، يتقدم الرئيس ميقاتي على غيره من الشخصيات السنية الأخرى انطلاقا من علاقاته المميزة مع المصريين الذين يجاهرون بها باهتمام شديد، وانفتاحه على الأتراك فضلا عن الدعم الغربي الملحوظ له لا سيما الفرنسي.
في 14شباط 2022، التي قرر “سعد” أن يحييها بعيدا عن المواقف السياسية، يبدو أنه أراد أن لا يخلي خصوصية المناسبة لأخيه بهاء والذي يبدو لغاية اللحظة أن قدرته على استقطاب الجمهور الحريري محدودة ،
وأن فرصه لوراثة تركة أبيه غير متيسرة فضلا عن أن دخوله إلى المجال السياسي اللبناني لا يبدو سلسا، ولا يعكس روحية الحريرية السياسية لاعتدالها وتسليمها بالقواعد التقليدية للسياسة اللبنانية.