13نيسان ذكرى لن ينساها اللبنانييون فماذا عن 2021
مر 46 عاما على ذكرى 13نيسان 1975، حرب لم تنته رغم إصرار السلطة السياسية واحزابها على تكرار عبارة “تنذكر وما تنعاد” مع كل 13 نيسان.
من عايش تلك المرحلة الاليمة من تاريخ لبنان يقول إن الساحة في 13نيسان كانت مهيأة للانفجار، السلاح على قدم وساق، المتاريس الطائفية مستحكمة في النفوس عطفا عن عجز سياسي تجاه مآل الأوضاع، فالوقائع الميدانية هي التي ادارت الحركة السياسية يومذاك.
ولا بد من التذكير أن حصيلة الحرب الأهلية في لبنان والتي استمرت 15عاما قدرت ب 63 مليار دولار خسائر اقتصادية، 34 مليار دولار خسائر ناجمة عن الدمار الذي لحق بالمنشآت، 500 ألف شخص تمّ تهجيرهم من منازلهم، 184 ألف جريح، 150 ألف قتيل، 17500 مخطوف، 13 ألف مفقود، 2640 سيارة مفخخة.
لقد مرت كل تلك السنوات من دون ان يتعافى لبنان او يخرج من كبوته، والشعب الذي يعيش هاجس تكرار تلك الحرب، وحده من يتكبد الخسائر البشرية والمادية، فالمنظومة السياسية لم تتعلم من دروس الماضي فيما الشعب يتحمل وزر ما ارتكبته وترتكبه اليوم بحق البلاد والعباد.
لعل افظع حدث مأسوي مر على اللبنانيين بعد تلك الحرب والحروب التي تحتها كان انفجار 4 اب من العام الماضي، فما لم تدمره مدافع وصواريخ الحرب الأهلية، دمره الانفجار، فالأضرار التي نجمت عنه طالت نحو 62 ألف وحدة سكنية و 20 ألف مؤسسة تجارية، وقد لقي أكثر من 160 شخصا مصرعهم في الانفجار وأصيب نحو ستة آلاف اخرون.
قد يكون سرد كل ما تقدم مفيدا أمام انعدام الحس الوطني والانساني عند طبقة حاكمة امتهنت منذ زمن سياسة حافة الهاوية ولعبة شراء الوقت حتى تستفيد من التقاطعات الاقليمية والدولية لمآربها الذاتية والخاصة.
تفاقمت الأزمة الاقتصادية الى أقصى الحدود، شرعت قطاعات الدولة ومواردها أمام عملية المحاصصة والنهب، الفساد بالتسويات وعلى عينك يا تاجر رغم خطر الإفلاس الحقيقي، الدين العام حدث ولا حرج،
أزمة الدولار تطيح بالنظام النقدي، الواقع المعيشي في اسوأ حالاته، مخالب الفقر تنهش أسرا عديدة وتنذر بخطر الفوضى الاجتماعية المتنقلة وعمليات القتل مع فلتان السلاح. فأحدث إحصاءات تشير إلى وصول البطالة في لبنان إلى أكثر من 35 في المائة، والفقر إلى 55 في المئة..
لا شك أن كل ما تقدم مرده الخلل القائم في النظام السياسي، في ظل التجاوزات الراهنة للدستور ربطا ببدع الاجتهادات التي خلقت اعرافا كثيرة ساهمت في إطالة أمد الفراغ في مؤسسات الدولة بفعل سياسة الكيدية والمحسوبية وغياب المراقبة والمحاسبة وارتباط الفساد السياسي بالمالي.
ولكن ايا يكن الانهيار الذي سيلحق بلبنان اليوم لا يهم، المهم عند المعنيين في الوقت الراهن الاستمرار في لعبة التراشق السياسي وتبادل الاتهامات وتقديم الشكاوى ضد بعضهم البعض امام الموفدين العرب والاجانب الى حين تحقيق المبتغى.
وبالتالي فإن الحديث عن إصلاحات من هنا، وكشف عن فاسدين من هناك، لا يتعدى تسجيل كل فريق نقاطا في مرمى الآخر سواء في ملف التدقيق الجنائي أو الصلاحيات او غيرها من الملفات التي تفتح غب الطلب وتقفل عندما تحين ساعة التسويات.
يبقى الأكيد ان لا افتراء في توجيه اصابع الاتهام الى السلطة السياسية حيال ما يتعرض له لبنان اليوم من مشكلات اقتصادية ومالية ومعيشية، ولذلك من غير الجائر اعطاء براءة ذمة لأحد من المكونات السياسية الأساسية مما قد تصل اليه الأمور في الوقت الراهن، ليبقى الرهان عشية 13 نيسان على ثورة تعيد توجيه البوصلة وتعمل على قيام الدولة من جديد بعيدا عن إجراءات وافتراءات دفع ثمنها المواطن.
صحيح ان مسار التدقيق الجنائي أكثر من ضروري لكن لا بد من تشكيل حكومة اولا تدفع نحو تنفيذ الاصلاحات وتسيير امور الناس ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين.