هل دخلنا فعلًا في قلب “جهنم”؟
قبل أن يتخذ الدكتور مصطفى أديب قراره الصعب والجريء بعدما لمس لمس اليدّ أن لا مجال للسير بحكومة كما يريدها هو وليس كما يريدها له الآخرون، كان أكبر مسؤول في الدولة اللبنانية قد حذّر من الوصول إلى جهنم في حال لم يتم التوصل إلى تشكيل حكومة.
وهذا يعني، وفق منطق رئيس البلاد والعباد أننا أصبحنا الآن في هذا “الجهنم”، الذي أوصلنا إليه ساسة لبنان بفعل الممارسات الخاطئة التي قاموا بها على مدى سنوات طويلة، وكان آخرها تمسّك الثنائي الشيعي بحقيبة المال حتى ولو خربت الدنيا ولم يبق حجر على حجر.
يقول البعض أنه لم يكن يُنتظر عدم تشكيل الحكومة لمعرفة أن اللبنانيين واصلون حتمًا إلى “جهنم”، متسائلًا عمّا إذا كان ما يعيشه اللبنانيون وما يعايشونه منذ ما يقارب السنة، إن لم نقل في آخر أربع سنوات، ليس سوى “جهنم”بحدّ ذاته.
فكيف تكون “جهنم” غير ما هي عليه حال أكثرية اللبنانيين غير المشمولين بنعم “السلطة”؟
هل يكون من يضطّر إلى البحث عن فضلات بعض الاطعمة في براميل الزبالة ليسدّ به جوعه يعيش خارج “جهنم”؟
هل من يرى طفله يموت على باب المستشفيات لأن ليس لديه من المال ما يكفي لإشباع نهم أصحابها لا يعيش في ما يشبه “جهنم”؟
هل من ركب موج البحر على عوامة غير صالحة للنقل البحري هربًا من وطن الجوع والذّل وقلة العمل لا يعيش سوى في نار “جهنم”؟
هل من “أكل الدولار” مرتبه، الذي لم يعد يكفيه سوى لأيام، لا يعيش في “جهنم”؟
هل من يرى الدواء يختفي من الصيدليات في حاجة ليعرف أنه يعيش في “جهنم”؟
هل يحتاج ربّ البيت إلى أن يرى أولاده يئنون من الجوع في الليالي الطويلة ليعرف حقيقة أنه يعيش في “جهنم”؟
هل يعرف فخامة الرئيس، الذي يخشى الوصول إلى ما سبق أن حذّر منه، أن شعبه يكتوي بنار “جهنم” منذ سنوات، وهو يحاول أن يبلّ طرف لسانه بقطرة ماء ولا يستطيع؟
هل يعرف فخامة الرئيس أن ثمة من يدفع اللبنانيين دفعًا إلى العمق الجهنمي؟
هل يعرف الذين عرقلوا قيام حكومة إختصاصيين مستقلين أنه من الصعب بعد اليوم تشكيل حكومة إنقاذ حقيقية؟
هل يعلم الثنائي الشيعي أنه ضيّع على لبنان فرصة العمر، التي لا يمكن أن تتكرر، على رغم تأكيد الرئيس الفرنسي أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة، وهو أعطى اللبنانيين فرصة جديدة لعل وعسى؟
هل يعرف هذا الثنائي أن إدخال لبنان في المجهول قد يقود إلى تدخلات أكبر وأخطر مما كانت عليه في الماضي، وذلك بعد الكلام العالي السقف، الذي أعلنه الرئيس ماكرون في حق “حزب الله”، وهو الذي كان حتى الأمس القريب يدافع عنه ويقف سدًّا منيعًا في وجه العقوبات الأميركية؟
كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير ستكون حاضرة في ذهن الشخصية، التي سيتمّ التوافق على تسميتها لتكليفها مهمة تشكيل حكومة، هذا إذا تمّ التوافق، لأن هذا الأمر يبدو حتى الساعة غير متوافرة له الإمكانات العملانية، لأن الذي عطّل قيام حكومة أديب في إنتظار ما ستسفر عنه الإنتخابات الرئاسية الأميركية من نتائج لن يسمح بأن يتمّ التكليف بسهولة.