هل تبصر الحكومة الانتـــــحارية النور قريباْ

الوقت ليس لكثرة الحكي والتصريحات، التي لا تقدّم ولا تؤخرّ. في الأساس لم يعد أحد من الناس “الغلابة” والمغلوب على أمرهم يصدّق أي كلمة يقولها هذا المســـــؤول أو ذاك الزعيم.
فالكلام لم يعد ينفع. المطلوب في هذه المرحلة الدقيقة والخطـــــيرة التقليل من الكلام “البلا طعمي”،
والإنصراف إلى العمل المجدي والفعال. وكل ما زاد عن هذا الحـــــدّ فهو من عمل الشيطان الذي يتحيّن الفرص للدخول في لعبة التفاصيل.
المطلوب من “مرتا” شيء واحد. لا أكثر ولا أقل، خصوصًا أن “المرتايات” ومن يشبههن في مثل هذه الأيام قد أصبحن كثيرات. أمّا “المريمات” فقليلات ونادرات.
المطـــــلوب أولًا وأخيرًا تشكيل حكومة وبأسرع وقت. هذا الوقت لم يعد يسمح لبعض الذين تستهويهم “لعبة” فرض الشروط، وإنتظار ردود الفعل عليها، الإســـــتمرار في “لعبتهم”، التي أصبحت مكشوفة،
ولم تعد تنطلي على المواطن العادي، فكيف الحال مع من “كلخ ضراسو”، وهو يعرف “البير وغطاه”و”البيضة مين باضا”.
لا حل منظورًا في الوقت الحاضر سوى بذهاب الجميع إلى حكومة بمواصفات “ميقاتية”، بعد أن تحظى بموافقة رئيس الجمهورية، الذي تعود إليه وحده صلاحية الموافقة أو الرفض.
فإذا وافق، وفق ما يقتنع به، نكون قد دخلنا في مسيرة الألف ميل. أمّا إذا رفض فنكون من جديد أمام حائط مسدود. ونكون أمام خياـــــرات قد يكون أحلاها أمرَّ من العلقم.
سؤال يطرحه أكثر من مراقب: هل يعتقد هؤلاء الذين يظّنون أنهم بفرض شروطـــــهم، وهي تعجيزية، قد يصلون إلى مبتغاهم؟ وهل يعتقدون حقًّا أنهم لا يزالون قادرين على الإمساك بناصية السلطة بعدما كانوا السبب في الإخـــــفاقات المتتالية،
لأنهم لم يحسنوا القـــــبض على العصى من وسطها، ولأنهم إعتقدوا، عن خطأ، أن الزمان زمانهم، وأنهم قادرون على أن يفرضوا ما يشاؤون وفق توقيتهم وحساباتهم الخاطئة؟
ما كان جائزًا بالأمس ربما لم يعد مسموحًا اليوم. وأقل ما يُمكن أن يُقال لهؤلاء الذين لا يزالون يظّنون أن الشمس لا تشرق إلاّ كرمىً لعيونهم إن نجوم السماء أقرب لهم من السماح لهم بتحقـــــيق غاياتهـــــم الجديدة – القديمة،
والتي يبدو أنها قد أصبحت عملة من دون قيمة ولا مكان لها على مائدة الصيارفة الشرعيين، وليس الصيارفة الذين يعتمدون على السوق الموازية.
تكثر الاسئلة التي يطرحها الناس هذه الأيام العـــــصيبة، والتي تمرّ بوقع متثاقل. ومن بين هذه الأسئلة:
ماذا في إمكان الرئيس نجيب ميقاتي أن يفعل، وهل سيتركونه يعمل، مع أن هؤلاء الذين لن يتركوه يعمل كثر؟
قد تكون أسئلة المواطنين الذين يعانون الأمـــــرّين محقّة،
وهذا ما يدركه الرئيس المكّلف الذي قَبِل هذه المـــــهمّة الصعبـــــة والخطـــــيرة، وقد أُطلق عليه لقب “الفـــــدائي”، وهو يعرف أن مهمته ستكون أكثر من صعبة، ولكنه فضّل خوض هذا المعـــــترك،
رفضًا لمنطق الإستســـــلام ورفع العشرة أو التسليم بمنطق عدم وجود دولـــــة، وأن يكون لكل فئة دولتها الخاصة، والسعي ولو بالسير على الجـــــمر،
لترميم مقـــــومات الدولـــــة اللبنانية الجامعة ومؤسساتها، والسعي بالحد الادنى الممكن لاعادة تفعيل حضورها في كل المجالات، بدءا بتشكيل حكومة فاعلة تطلق ورشة المعالجات المطلوبة.
ولذلك عقد الرئيس ميقاتي العزم وقرر خوض هذه “المغامرة الانتحارية” علّه يتمكّن من تشكيل حكومة تكوّن فريق عمل ينكب على معالـــــجة الملفات الملحة ويؤمن الحد الادنى من المعالجات السريعة، لتحسين نمط العيش اليومي للبنانيين،
ويطمئنهم الى بدء ورشة الخروج من النـــــفق المـــــظلم الذي يعيشونه، ويحد من لجوء شريحة كبيرة من اللبنانيين الى الهـــــجرة.
فهل يكون لمسعاه الصـــــدى الأيجابي؟ ومن يصبر إلى المـــــنتهى يخلص.