ميقاتي الدستور هو الحكم في التأليف
نجح الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في الساعات الـ 24 الماضية بإنتاج دينامية خاصة به خلال المشاورات غير الملزمة مع القوى السياسية كافة في شأن عملية التأليف الحكومي.
عبر التكليف بخير بانتظار مآل التشكيل الذي، لو قُدّر لميقاتي، وفق عارفيه، لأبصر النور خلال 48 ساعة، لكنه يدرك أن اللحظة تفترض مسار”الاخذ والعطاء”
بين القوى السياسية الاساسية لتحقيق التفاهم والتوافق بين بعضها البعض، فهو لا يضع أي شروط مسبقة، ويعمل وفق معادلة اليد الممدودة بعيدا عن الكيدية والاحقاد،
ويسعى لتجاوز الخطوط الحمراء بالمرونة والليونة عبر الالتفاف وتدوير الزوايا من خلال نقاش جدي مع المعنيين يوصل إلى الهدف المنشود المتمثل بتشكيل حكومة من الاختصاصيين خلال مهلة محددة تضع حداً للانهيار بعيدا عن الشروط والشروط المضادة.
لا شك أن اللحظة الراهنة تختلف عن لحظة تكليف الرئيس سعد الحريري قبل تسعة اشهر، فمستجدات عديدة طرأت على مستوى الصراع الدولي – الاقليمي، والمفاوضات النووية،
عطفا على ظروف المكونات الاساسية وحساباتها وبرامجها وأولويتها التي تبدلت تحت وطأة الشارع وموعد الانتخابات النيابية في ايار 2022 والأوضاع في المنطقة.
وكل هذه العناصر المحلية والخارجية أسست ليكون ميقاتي في موقع الرئيس المكلف مدعوما من الطائفة السنية والرئيس الحريري، ومن حزب الله الذي أحدث موقفه فارقا نوعيا لا يجوز حصره في أطر ضيقة ومحدودة،
خاصة وأن الحزب لم يسم الحريري إنما أبدى دعما له الأمر الذي يستدعي الابحار في موقف الحزب ان التسمية،
والذي أوحى للبعض أنه رسالة إحراج للعهد لدفعه نحو ضرورة تسهيل التأليف، علما أن “كتلة الوفاء للمقاومة” أبدت امس كل التعاون مع الرئيس ميقاتي لتسهيل مهمته ولم تتقدم بأية مطالب خاصة،
لكنها شددت على ضرورة أن تنصب جهود الحكومة العتيدة فور تأليفها على إيجاد حلول لازمتي المحروقات والدواء والاسراع في تنفيذ القوانين الإصلاحية التي أقرت.
بدأت اللقاءات والاتصالات تتعمق في البحث في تسمية الوزراء وتوزيع الحقائب، خاصة وأن الرئيس ميقاتي قدم أمس تصوره لحكومة من 24 وزيرا إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ووفق المعنيين،
فإن الدستور عند الرئيس ميقاتي هو الحكم في تأليف الحكومة، مع سعيه إلى الحوار مع القوى السياسية واحترام مبدأ الشراكة،وبالتالي فإن اسبوعا سيكون كفيلا لفصل الخيوط عن بعضها وتحديد عتبة التاليف،
خاصة وأن ميقاتي الذي بدأ اتصالاته يوم السبت نجح في أن يسجل مجموعة نقاط نوعية لصالحه ليس أولها اجتماعه برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل قبل تكليفه،
في حين أن الوساطات كلها فشلت في حل عقدة الحريري – باسيل وعقد لقاء ثنائي بينهما،
عطفا على أن لقاء ميقاتي بالرئيس عون كان على قدر من الانسجام المتبادل ،علما أن تعاطي رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر بايجابية مع الرئيس المكلف،
تقول أوساط سياسية، هو محل ترقب وترصد، فحتى الساعة ليس هناك ما يؤكد رغبتهما بالتعاون الفعلي، إذ ثمة شكوك،
يراها البعض مبررة ويعتبرها البعض الآخر محاولات عرقلة، حيال نيات العهد امتصاص الوهج الذي أحدثته إيجابية أداء ميقاتي الذي يملك ضمانات دولية ويحظى بدعم مصري وأردني وفرنسي وأميركي وروسي.
أوحت مواقف الرئيس المكلف أنه متفائل بالأجواء التي رافقت لقاءاته مع الكتل النيابية، وان كانت بعض هذه الكتل خرج غير مطمأن الى مسار التأليف،
ومرد ذلك أن التجارب السابقة للعهد لا تشجع. من هنا تظن بعض الأوساط السياسية أن الطريق أمام الرئيس المكلف ليست معبدة بالكامل،
والمطب الوحيد الذي تصطدم فيه عملية التأليف يقع في ميرنا الشالوحي التي سوف يتظهر موقفها الحقيقي في الساعات المقبلة، خاصة وأن الرئيس عون والنائب باسيل رفضا تقديم أي تنازل للحريري أثناء تكليفه.
فرغم مواقف رئيس التيار الوطني الحر الإيجابية والانفتاحية عبر وسائل الإعلام لتشكيل حكومة، بقي ضمنا مصرا على الثلث الضامن الذي لا يزال شغله الشاغل.
في حين أن رايا آخر يظن أن رئيس الجمهورية بأمس الحاجة إلى تأليف حكومة وانه قد يذهب الى تقديم بعض التنازلات لكي لا يظهر امام المجتمع الدولي أنه المعطل الأساس لتشكيل الحكومات،
علما أن البعض يربط تنازلات عون بشرط الحصول على مكسب وزارة الداخلية.
إذن العبرة تكمن في التأليف وأن تقرن أقوال التيار العوني بالأفعال تقول الأوساط نفسها.