كل شيء في لبنان بات يستدعي ثورة!
تحت عنوان: “كل شيء في لبنان بات يستدعي ثورة، خرج اللبنانيون عن طورهم ونزلوا الى الشوارع إحتجاجا على زيادة ست دولارات على تطبيق “الواتساب”، وطالبوا بتغيير النظام والطبقة الحاكمة وأطاحوا بحكومة سعد الحريري وشددوا على تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط تقتصر مهامها على إقرار الموازنة، وإقرار قانون إنتخابي عادل ومنصف، وإجراء إنتخابات نيابية مبكرة بهدف إعادة تكوين السلطة السياسية.
يومها كان الدولار ما يزال بـ 1507 ليرات، ومتوفر في المصارف ولدى الصرافين، وكانت الأسعار مقبولة على صعيد المواد الغذائية والخضار، ولم يكن “الكورونا” قد وصل ليحبس المواطنين في منازلهم ويفقدهم مصادر رزقهم، ورغم ذلك إشتعل البلد غضبا وإستوطن اللبنانيون الساحات والشوارع الى أن نجحت السلطة في إمتصاص النقمة تدريجيا وفي تدجين بعض المجموعات التي إنكفأت بشكل نهائي.
لم يُنفذ شيئا من مطالب ثورة 17 تشرين، فالحكومة التي خرجت من الباب عادت من الشباك لكن بفريق سياسي واحد وزّع الوزارات على مستشارين ومقربين ومحسوبين يرتدون قناع التكنوقراط والاختصاص والاستقلالية، والموازنة التي خرج اللبنانيون ضدها أقرتها الحكومة الجديدة، لتبدأ رحلة الارتجال الحكومي وصولا الى زمن الكورونا الذي دخل ليزيد الطين بلة.
اليوم، كل شيء في لبنان بات يستدعي ثورة، فسعر الدولار لامس الـ 3200 ليرة بشكل غير مسبوق حتى في أصعب وأدق وأخطر الظروف، والمصارف تحبس ودائع المواطنين والحكومة تفاوضهم عليها، والطلاب اللبنانيون يتسكعون في الخارج من دون أموال بسبب صعوبة التحويلات بالدولار، وأسعار المواد الغذائية “دوبلت” وأسعار الخضار “تربلت”، ولا من حسيب ولا من رقيب، فيما وزير الاقتصاد لا يجد وسيلة لحماية المستهلك إلا بمقاطعة شراء البضائع، ما يضع اللبنانيين بين سندان الاستغلال ومطرقة الجوع.
في غضون كل ذلك، أطل كورونا مهددا المجتمع اللبناني في صحته وحياته، فسارعت الحكومة الى تقليد الدول المتقدمة، ففرضت التعبئة العامة التي أقفلت كل المحلات التجارية ما عدا تلك المستثناة، ومنعت التجول ليلا، وإبتكرت فكرة سير المركبات بحسب “المفرد والمجوز” وطلبت من المواطنين أن يلتزموا منازلهم تحت طائلة المسؤولية والغرامات المالية، متناسية أن الأكثرية الساحقة لم تعد تملك المال لدفع قيمة هذه الغرامات التي باتت “لزوم ما لا يلزم”.
ما فات الحكومة اللبنانية هو أن الدول المتقدمة عملت على توفير مقومات الصمود لشعوبها لتشجيعهم على البقاء في المنازل، لكنها هي غضت النظر عن هذا الأمر بداية تاركة مواطنيها لمواجهة أقدارهم، ثم وتحت الضغط أقرت مبلغ 400 ألف ليرة للعائلات الأشد فقرا والذي ما يزال في علم الغيب، بفعل التخبط في اللوائح التي إعترف رئيس الحكومة حسان دياب بأنها مفخخة، ليجد اللبنانيون أنهم يلتزمون بمنازلهم قسرا منذ 25 يوما من دون عمل ومن دون إنتاج ومن دون مدخول، ومن دون أن تقدم لهم حكومتهم أي شيء يذكر.
لا يختلف إثنان على أن الشعب اللبناني حاول أن يطاوع حكومته في قرارات التعبئة العامة حفاظا على سلامته، لكن تناقض الحجر المنزلي مع الفقر والجوع أجبرهم في كثير من الأحيان على كسر بعضها والنزول مكرهين الى سوق العمل، قبل أن ينقلب الأمر الى حالات غضب عارمة بدأت تجتاح المناطق وتترجم إعتصامات وتظاهرات في الساحات،
بفعل الدولار وإرتفاع الأسعار بشكل جنوني وغياب المعالجات الحقيقية في وقت لم ير فيه رئيس الحكومة حسان دياب في “كبسته” على سبينس ـ الجناح شيئا نافرا في هذه الأسعار، كما أعلن وزير الاقتصاد عجزه عن تقديم العلاج، في حين تولي الحكومة مجتمعة إهتماما بكل شيء إلا بمعيشة الناس من الدولار الى الأسعار.
سفيرالشمال