عزل أحياء #التبانة… كورونا يتمدّد ووقاية شبه معدومة
“النهار”
فيما يلازم انفجار بيروت هواجس اللبنانيين وآلامهم، انفجار صحّي تنطلق إرهاصاته في طرابلس التي تسجل معدلات مرتفعة لكورونا، هي الأعلى في المدينة منذ انتشار الجائحة، بعدما اعتقد الطرابلسيون طوال الشهور السابقة أنهم بمعزل عنها.
ويفاقم الخطورة عدم التزام السكان ولا سيما في التبانة بالكمامة والتباعد الاجتماعي. وكنتيجة للواقع غير المطمئن، أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن عن عزل أحياء التبانة وأخرى في بيروت وبعبدا والشوف، بسبب تسجيلها أرقام ذروة بإصابات كورونا.
وسجلت التبانة إصابتين يوم أمس، وفي طرابلس 31 إصابة بين يومي الخميس والجمعة أكثرها من التبانة، بحسب معلومات بلدية طرابلس لـ”النهار”، بانتظار ظهور نتائج لـ150 عيّنة إضافيّة.
وأصدر مستشفى طرابلس الحكومي ليل أمس تقريراً يظهر متابعة 17 مريضاً داخل المستشفى، ووجود 7 حالات حرجة، وحالتين مشتبه فيهما، و6 حالات تأكد شفاؤها السريري، فيما نقلت حالتان من مستشفيات خاصة.
المخالطة
يلفت رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق أنّ “انفجار مرفأ بيروت ساهم في زيادة مخالطة عدد كبير من الطرابلسيين الذين تحمسوا للمشاركة في التظاهرات”. فضلا عن بقاء الاكتظاظ على حاله في المقاهي الشعبية والشوارع الضيقة، بدون حساب للمسافات الآمنة أو وضع الكمامات.
حال يصفها يمق بـ”تأهب”، دفع البلدية الى تكريس رقمين ساخنين للتواصل مع “غرفة عمليات لجنة إدارة الكوارث في بلدية طرابلس”، للتفاعل على مدار الساعة مع استفسارات المواطنين والمصابين أو من لديه شكّ بإصابته بالفيروس.
وينكر يمق الشائعات التي يروج لها البعض حول “فوضى في نتائج الـ PCR، والتي تدفع الناس الى عدم التعاطي مع الوباء بجدية”، فقد زاد الطين بلة فيديو نشره أحد مخاتير التبانة، يقول إنّ فحوصات PCR التي تقيمها وزارة الصّحة غير دقيقة، لأنّها أظهرت إصابته بكورونا، بينما ظهرت النتيجة سلبية في مستشفى خاص.
تضليل وإنكار للفيروس
كلام يندرج تحت تضليل غير مقصود، لأنه يستند إلى معلومات غير دقيقة زادت من استهتار منطقة التبانة بالوقاية، بحسب ما أوضح لـ”النهار” رئيس اللجنة الصحية في بلدية طرابلس، الدكتور عبد الحميد كريمة “لقد جاءت نتيجة المختار Grey zone أي غير مؤكدة بحسب تحاليل المستشفى الحكومي في طرابلس.
وطلب منه الحجر لمدة 24 ساعة ريثما نجري الفحص مجدداً. لكن المختار اعتبر أنّ الحجر طلب على خلفية إصابته بكورونا. وأجرى فحصاً في مستشفى النيني فظهرت نتيجته سلبية”.
بعد توضيح الالتباسات، اجتمعت البلدية بالمخاتير والفاعليات والمفاتيح المحليين في التبانة، لزيادة التوعية وليتعاونوا في نشرها ولحضّ الناس على الوقاية بدلاً من زرع الشكوك والفوضى.
خط ساخن وجمعيات
تستمرّ البلدية بإجراء حملات PCR لعينات عشوائية عملاً على ضبط التفشي، من خلال 150 فحص PCR مجانيا في فندق المعرض يومي الثلثاء والخميس. وردا على سؤال حول صرامة المحاسبة لغير الملتزمين بالوقاية، يضيف كريمة “تحاول الشرطة فرض الالتزام بالاجراءات لكن وحدها غير قادرة على الضرب بيد من حديد، لا سيما في حركة الأسواق والمقاهي”.
فقبل تطبيق العزل، تأكد الاستهتار بالعين المجردة في الحواري المتفرعة من شرايين شارع سوريا، حيث التّباعد الاجتماعي غير معتمد. ولا تظهر الكمامات على وجوه المارة في التبانة، ولنقس على ذلك في بقية الأحياء. كأن من يعتمد الوقاية ينكث بصكّ مجتمعي عنوانه “كورونا كذبة”.
وفي بيئة فقيرة حيث السعي لتأمين “لقمة العيش” برز كمقدمة الأسباب التي تدفع المواطن لتجاهل الحجر وملازمة عمله، وهي وقائع برزت في صرخات عديدة نقلتها “النهار” على سبيل “كورونا أرحم من الجوع”، “ما تحجرونا طعمونا” وغيرها، تقوم جمعية “العزم والسعادة” حاليا بتأمين الغذاء طوال فترة الحجر للعائلات التي تعاني حالة كورونا.
ويشير كريمة إلى أنّ لجنة إدارة الكوارث تحرص على سلامة المريض ومحيطه، فتعاونت مع شركة Leb Relief في تعقيم المباني السكنية التي تضم مصابين.
وتتعاون البلدية مع اليونيسف في توزيع كمامات مجانية لهذه المناطق “تم توزيع ستة الاف كمامة من أصل مئة ألف”، يختم كريمة. خطوة تطرح سؤالاً حول جدواها، فهي في طريقها الى جهد ومورد مهدورين، إن استمر غياب الكمامات عن الوجوه.
الضرورة الآن تشتد للالتزام بالحجر في هذه الأحياء وكل لبنان، حيث سقطت نظرية مناعة القطيع التي عوّل عليها سابقا وعاد وعي المواطن الذاتي ومسؤولية الدولة ليثبتا أنهما المفتاح الأهم والأكثر فاعلية للخروج من هذا النفق الصحي المظلم والطويل.