تفاصيل الآلية الجديدة لضخ الدولار عبر المصارف… والعين على الأسعار

يشهد لبنان اليوم أسوأ أزمة تضخّم مالي في تاريخه، بعد أن تضاعفت الأسعار بشكل جنوني إثر الإرتفاع الحاصل بسعر الصرف، الذي لامس الـ10,000 ليرة للدولار في الأسواق السوداء.

وفي هذا السياق، تتوالى محاولات الحكومة لمحاولة ضبط هذه الأسعار، تارةً عبر إقرار مشروع السلّة الغذائية، وطورا عبر إجراءات نقدية مالية كصرف دولارات للمستوردين بتمويل من مصرف لبنان عبر الصيارفة. إلّا أن مختلف الإجراءات التقنية هذه فشلت تبعا لحجم الأزمة المهول التي تضرب البلاد، ما يهدد بخطر إستنزاف إحتياطي “المصرف المركزي”، ما ينذر بالأسوأ.

ولا يخفى توجّه الحكومة إلى هذه الحلول لخلفيات سياسية، متجاهلةً الطريق الأساس لخفض وقع الأزمة، وهو التوجّه نحو إصلاحات جذريّة تعيد الثقة إلى الداخل والخارج، ومنها الإستقرار في سوق القطع.

وكانت قضت آلية الحكومة بتوفير الدولار للمستوردين عبر الصرّافين حسب سعر النقابة المحدد يوميا، إلّا أن فوضى هذا السوق وتوازي السوق السوداء جعل المهمة مستحيلة في ظل إحتكار الدولار وتهريبه، فاستدرك مصرف لبنان هذه الإشكالية وقرر فتح إعتمادات بالدولار للتجّار عبر المصارف أيضًا بالإتفاق مع جمعية المصارف والحكومة، وبتمويل من التحويلات النقدية التي يجريها الإغتراب، وحسب السعر الذي يحدده المركزي عبر المنصة الإلكترونية.

في إتصال له مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، يرى الاستاذ الجامعي والمدير العام للشؤون الادارية والمالية في مجلس النواب أحمد اللقيس أن “توجّه مصرف لبنان إلى المصارف سببه تنظيم إدارة هذا القطاع، وقدرته على التعامل مع المستوردين، وهو من أفضل الحلول اليوم لإستثمار الأموال بالمكان الصحيح”، مفضلا “حصر هذه المهام بالمصارف لالتزامها بأسعار الصرف، فيما في المقابل هناك سوء تنظيم قطاع الصيرفة ونشوء الأسواق السوداء”، إلّا أنه يعزو أسباب استمرار التعاطي مع الصرافين إلى “دورهم في صرف العملات المولج لهم أساسا حسب قوانين تنطيمها”.

وعن إحتمال إنخفاص أسعار المنتجات الأساسية، يشير اللقيس إلى “فرصة حقيقية لتحقيق الهدف المنشود، وخفض أسعار حوالي 250 منتج في السوق في مهلة قد لا تتعدى الأسبوعين، لأن توفير دولار الإستيراد سيتم عبر مصرف لبنان والمصارف، بسعر محدد يقارب 3800 ليرة، عكس ما كان يجري في السابق، بحيث كان التجّار يلجأون إلى الأسواق السوداء لتأمين العملة الخضراء لغيابها لدى الصيرافة، وهنا يعود الأمر إلى أفضلية التنظيم والإدارة”.

ويطمئن اللقيس إلى أن “تمويل هذه الإعتمادات سيكون عبر الدولارات القادمة إلى لبنان عبر التحويلات الإلكترونية، فلا مس بالإحتياطي، ولطالما المغتربين يحوّلون المال من الخارج إلى ذويهم، فتمويل الإعتمادات مستمر”.

ويختم اللقيس متفائلاً بإمكانية “خفض سعر صرف الدولار في السوق بعد تطبيق هذا الإجراء وتوجّه التجّار نحو المصارف، تبعا لآلية العرض والطلب المعمول بها في الإقتصاد، فتراجع الطلب على العملة الخضراء من سوق الصيرفة سيؤدي حتما إلى تراجع سعرها”.

وبانتظار التعميم الرسمي الذي سينظم تفاصيل العملية، فإن نجاح هذا الإجراء مرتبط بتنظيم التطبيق، عبر التأكد من وجهة الأموال لحصرها بالإستيراد المجدي وتفادي تهريبها من جهة، وملاحقة التجّار عبر وزارة الاقتصاد للتأكد من التسعير حسب سعر الإستيراد، وليس حسب سعر السوق السوداء من جهة أخرى، بحيث أن التجارب السابقة غير مشجّعة. إلّا أنه يبقى نجاحا نسبيا مقارنة بالتوجّه نحو الحلول الإصلاحية الجذرية، بعيدا عن التقنية، لإنعدام الإستقرار بسبب خطورة الإعتماد على مصادر تمويلية غير مضمونة على الأمد البعيد، مع امكانية تراجعها، وحصر مهام التمويل عبر مؤسسات الدولة.

الأنباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!