تحـــ.ــذير من نفاد وقـــ.ــود الجـــ.ــيش والأمـــ.ــن الداخلي
يستمر تآكل البلد وتحلّله على وقع انفـــ.ــجار جميع الأزمـــ.ــات الاجتماعية والمعيشية دفعة واحدة، ووسط تعطّل «قانون الجاذبية» في هذه البقـــ.ــعة الجغرافية التي تحولت ريشة في مهبّ الريح.
ما يحصل في لبـــ.ــنان يكاد لا يُصدّق، بعدما وصل إنكار كثير من السيـــ.ــاسيين للواقع الى حدّ يفوق التصوّر والخيال.
ويبدو أنّ لا الارتـــ.ــطام ولا الانهـــ.ــيار أمكنهما، حتى الآن، تغيير شيء في تقاليد اللعبة الســـ.ــياسية، التي باتت تقتات من اللحم الحي للبـــ.ــنانيين بعدما التهمت ودائعهم.
نعم، على رغم كل المعـــ.ــاناة والآلام، اللعبة مستمرة بقواعدها الممجوجة والمعروفة، انما مع فارق وحيد، وهي انّها انتقلت من حافة الهـــ.ــاوية الى داخل الهـــ.ــاوية السحيقة نفسها.
كان من المفترض أن يشكّل انفجـــ.ــار عكار حافزاً سياسيـــ.ــاً وأخلاقياً للانتهاء من تشكيل الحـــ.ــكومة خلال ساعات،
وتجاوز الشروط والمطالب التي تصبح من دون قيمة امام الحـــ.ــادثة المأســـ.ــاوية في بلدة التليل، معطوفة على مشاهد الإذلال المتمادي للبنانييـــ.ــن «المضطهدين»،
الذين فقدوا بديهيات الحياة اليومية، فأصبحت حقيبة السفر بالنسبة إلى أغلبهم أهم بكثير من أي حقيبة وزارية.
لكن، تبيّن مجدّداً انّ الحســـ.ــابات والمصالح الســـ.ــياسية أقوى من علم المنطق القائل، بأنّ من مصلحة الأفرقاء الداخليـــ.ــين فعل اي شيء لحصر الخـــ.ــسائر،
وأقوى كذلك من العاطفة الإنـــ.ــسانية التي تستوجب تضحيات سياســـ.ــية وترفعاً سلطوياً بعد كارثة عكار.
لقد خاب أمل من ظنّ انّ دم الضـــ.ــحايا في عكار، وجرح الكرامة النازف في كل المناطق، سيصنعان الدينامية المفترضة لتذليل العقـــ.ــبات ومعالجة العِقد الوزارية على الفور وبلا اي إبطاء،
أقلّه من باب تهيّب الموقف. فهل المطلوب كـــ.ــوارث اكبر وتجارب أقسى حتى يتمّ إيجاد المخرج او الإخراج المناسب لتحقيق التفاهم على هذا الاسم أو تلك الوزارة؟
وهل هناك توقيت افضل وأسلم من هذه اللحظة لتبادل التنازلات، فتصبح انتـــ.ــصارات لأصحابها، لا هزائـــ.ــم؟
وأخـــ.ــطر تداعـــ.ــيات استمرار العبث الحالي، تكمن في تفاقم مظاهر الفوضـــ.ــى التي تجـــ.ــتاح كل القطاعات والمرافق،
مهدّدةً بسقوط مدوٍ للأمـــ.ــن الاجتماعي المترنّح الذي صار على كف عفريت بل مجـــ.ــموعة عفاريت، كما ينبّه مصدر رسمي واسع الإطلاع.
«لم يعد التحـــ.ــذير من الانهيـــ.ــار ينفع، لأننا وببساطة أصبحنا في قلبه»، يؤكّد المصـــ.ــدر الذي لا يستطيع أن يخفي قلقه الشديد مما يمكن أن يحصل لاحقاً، اذا لم تتشكّل الحكومة قريباً، قائلا: «الله يستر من الأعظم».
وإذا كان هناك من يراهن على حضور الجـــ.ــيش والقوى الأمنيـــ.ــة لحماية الاستـــ.ــقرار الهش، فإنّ المصـــ.ــدر يشّدد على أنّ هذه الحـــ.ــماية لا تكون الّا سياســـ.ــية واقتصادية. لافتاً الى أنّ أحداً، مهما علا شأنه واشتدّ ساعده،
ليس بمقدوره ضبـــ.ــط الأمن الاجتماعي وردود الفعل الانفعالية والغاضبـــ.ــة، عندما تُفقد المواد الحيوية، مثل الدواء البنـــ.ــزين والمـــ.ــازوت والخبز وغيرها.
ويضيف المـــ.ــصدر: «للعلم، فإنّ احتياطي مخـــ.ــزون المـــ.ــحروقات لدى الجيـــ.ــش وقوى الأمـــ.ــن الداخلي يتناقص ايضاً، بحيث بات لا يكفيهما سوى لأسابيع قليلة، فكيف ستُنفّذ المهـــ.ــمات اذا وقع المحـــ.ــظور وجفّ الوقود؟».
ويعتبر المصـــ.ــدر الرسمي الواسع الاطلاع، انّ المدخل الى احتـــ.ــواء الازمـــ.ــة الراهنة او إدارتها، يتمثل في الإسراع في تشكيل الحـــ.ــكومة، وأي أمر غير ذلك لن يعدو كونه «تخبيصاً بتخبيص».
كتب عماد مرمل في الجمهـــ.ــورية