بين الحريري وباسيل رشقات سياسية في مصلحة الطرفين
عاد طيف التشاؤم ليظلّل أجواء الملف الحكومي وسط تسريبات عن تعثّر مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري ما بين الشروط والشروط المضادّة التي يطالب بها كل من رئيس الجمهورية ميشال عون من جهة
ومن خلفه التيار “الوطني الحر” برئيسه النائب جبران باسيل والرئيس المكلف سعد الحريري من جهة اخرى.
لكن، وفي حين انشغال الاطراف السياسية المعنية بتشكيل الحكومة بلعبة شدّ الحبال السياسية، ثمة كابوس بات يؤرق اللبنانيين مع انتشار اعلان بعض الكتل نيّة الاستقالة من المجلس النيابي،
ما من شأنه أن يؤدي الى فراغ دستوري كامل يتبعه تفاقم في الأزمة الاقتصادية والمعيشية في لبنان.
لا تزال الأزمة الحكومية عالقة في زواريب التصعيد بين الحريري وباسيل، وإن كان من خلف الكواليس، وبالرغم من الايجابيات الشكلية التي يتمّ تظهيرها الا أن الأجواء لا توحي بحلّ قريب،
بل على العكس، فقد تشهد الأيام المقبلة مزيداً من الخطابات الشعبوية التي سيرفعها كلا الطرفين في عملية استثمار واضحة للأزمة السياسية والاقتصادية الحاصلة.
وعلى هامش “الرشقات” السياسية، يبدو أن تفاقم الأزمة يصبّ في مكان ما في مصلحة فريقي النزاع، إذ إن استمرار التوتّر من شأنه حتماً أن يشد عصب القاعدة الشعبية لكلا الطرفين تحضيراً للانتخابات النيابية المقبلة،
في حال حصولها، وما تظهير النائب جبران باسيل لبعض التنازلات “الشكلية” التي يقدّمها في عملية التشكيل سوى محاولات لرمي مسؤولية التعطيل على الرئيس سعد الحريري وتنصّله من الأزمة التي يعاني منها اللبنانيون ما يُعيد تشكيل صورة باسيل أمام الرأي العام،
خصوصا وأنه يعتبر أن كلّ السردية التي بُنيت ضده خلال السنوات الماضية كانت مبنية على قاعدة أنه هو المعطّل الاول لتشكيل الحكومات والمشاريع الانمائية في البلاد،
لذلك فإنه يجهد في إعادة ترتيب واجهته في الشارع المسيحي مُعتقداً أنه بذلك يستطيع إعادة لملمة شعبيته التي انحسرت مع بداية انتفاضة 17 تشرين.
في المقابل، يرى الرئيس سعد الحريري أن أي تنازل مُفرط في مسألة تشكيل الحكومة سيجعله بعين الرأي العام مهزوماً أمام عهد الرئيس ميشال عون، الامر الذي لن يتقبّله جمهوره،
لذلك فهو يعمل على إظهار نفسه منتصراً ومتقدّماً على خصمه الأساسي ليعيد شدّ العصب حوله قبل موعد الانتخابات النيابية،
ولعلّ عامل الوقت يخدم الحريري في مسألة العناد إذ انه غير مستعجل على الاطلاق وليكُن الأمر حتى انتهاء ولاية عون بعد أشهر قليلة و”خير ان شالله”؟!
يبدو أن اعتذار الحريري مرتبط بتوقيت يختاره هو ليظهر بمظهر المنتصر على عون وغير المجبر على هذه الخطوة، من جهة اخرى،
ينتظر التيار “الوطني الحر” فرصة مناسبة أيضاً للقيام باستعراضه السياسي الدستوري الكبير من خلال الاستقالة من مجلس النواب.
كل ذلك بدأ يتظهّر في كلمة باسيل امس والتسريبات الصادرة عن “بيت الوسط” والتي أكدت بأن الحريري ليس في وارد الاعتذار عن التكليف في الوقت الراهن.