السلطة تستخدم سلاح الغلاء لمحاربة الثورة.. نيران ستحرقها بضغط الثوار
اقرار الحكومة ضريبة على تطبيق “واتساب” كان بمثابة القطرة التي طفح بسببها كيل اللبنانيين، فنزلوا الى الشارع معلنين الثورة، مطالبين بتغيير الطبقة الحاكمة وتوقيف الفاسدين واستعادة الاموال المنهوبة، وبدلاً من ان تتجه الامور الى النحو الذي يريده الشعب تعمل السلطة على صب البنزين على نار وجعه، وذلك من خلال لعبة ارتفاع سعر صرف الدولار امام الليرة، مع تقليص سحوبات المودعين، وغلاء اسعار المنتجات والسلع وكل الخدمات، في وقت وصلت فيه نسب البطالة الى ارقام خيالية، والطبقة الوسطى بدأت تسحق تحت عجلة الازمة الاقتصادية.
اللبنانيون ملتاعون من الغلاء المستشري، يمرون في ظروف لم يشهدوا لها مثيلاً، القدرة الشرائية للمستهلك تتراجع يوما تلو الآخر، ما اضطره الى الاستغناء عن الكماليات، فالحد الأدنى للأجور لا يؤمن كلفة أدنى متطلبات عائلة صغيرة وبات يعاد 270 دولارا بدلا من 450 دولارا، والجهات الرقابية المعنية في سبات، فنسب الغلاء باتت مفتوحة وهي تتفاوت بحسب المناطق مع غياب أي معيار موحّد لتحديد الأسعار، وقد تجاوز الارتفاع في بعض الحالات الـ100 في المئة، في وقت استقالت فيه الدولة من دورها متلطية خلف الصرافين والتجار الذين يحددون الأسعار.
غلاء الاسعار طال لقمة العيش، والعلم والإستشفاء في ظل ازدياد البطالة وغياب الاستثمارات والصناعة والإنتاج يترافق ذلك مع انكفاء السلطة السياسية عن اتخاذ إجراءات جدية لمعالجة الأزمة المالية، في حين تتخذ المصارف سلسلة إجراءات غير قانونية منها وضع قيود على حركة الأموال وإلغاء التسهيلات التجارية، اما وزارة الاقتصاد فلا تقوم باي اجراء سوى تسطير محاضر ضبط لبعض التجار، المخيف اكثر ان الاسعار ترتفع بوتيرة غير مسبوقة، والمستجدّات تنذر بأن الامر لا يزال في بداياته، اذ يبدو واضحا ان السلطة اتخذت قرار خنق الشعب والهائه عن الثورة بلقمة عيشه، لا بل لا تخجل من توجيه اصبع الاتهام الى الثورة والثوار بانهم يقفون خلف ما يحصل، على الرغم من ان الكارثة بدأت منذ سنوات، وإن لم تكن واضحة المعالم في بداياتها بالنسبة الى المستهلك، فلا شك ان الهندسات المالية سارعت في الازمة، حيث اصابت قطاعاً تلو الآخر بالانهيار الى ان وصلت الى السوق النقدي مع بداية السنة الماضية، ما دفع المصارف الى فرض قيود على حركة الأموال، كما لعبت الرسوم الجمركية التي تضمنتها موازنة سنة 2019 دورا في ارتفاع الاسعار بفرضها رسم بنسبة 3 في المئة على كافة المستوردات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة ورسوم وصلت الى 35 في المئة على سلة كبيرة من المواد المستوردة.
التراجع الحاد في حركة الأسواق التجارية دفع الاف التجار إلى إقفال محلاتهم التجارية كما لجأ بعضهم إلى تقليص دوام العمل وصرف عشرات الالاف الموظفين، وقد طال الامر محلات شهيرة ومؤسسات عريقة في مجالات مختلفه في مختلف المناطق اللبنانية، في حين تنهمك السلطة في وضع استراتيجيات الانقضاض على الثورة بدلا من معالجتها أسباب الهدر وإخراج المال العام من مغارة الفساد والسرقات مع وضع سياسات تشريعية لتنمية الخزينة، ووضع حد للعبة الصرافين بالدولار، لكن الى الان لم نر من محاربة الهدر والفساد إلا الكلام.
لا خيار للمواطنين بعد الحال الذي وصلوا اليه سوى البقاء في الشارع وعدم مغادرته قبل انتزاع حقوقهم، فلن تقدم الحكومة المعينة من أحزاب السلطة تحت مسمى التكنوقراط اي حلّ لازمات لبنان، لذلك لا بد من العودة الى نبض وزخم الثورة الذي ارعب السياسيين في البدايات ودفعهم الى اطلاق وعودهم الكاذبة بمحاربة الفساد… لا بد من ان يضغط الثوار على الارض بقوة وعلى مدى ايام الاسبوع حتى الوصول الى لبنان الجديد الذي يستحقه اللبنانيين، لا لبنان الزعماء الذين سرقوا وعاثوا في الارض الفساد، فالتراجع عن التحركات على الارض يعني بقاء الفاسدين في الحكم واستشراسهم في اذلال المواطن في لقمة عيشه ومعاودة اخضاعه بكل الوسائل، لذلك الاستبسال في سبيل الانتصار هو القيامة الوحيدة للبنان وما خسر شعب اراد يوما ان يبني وطنا كما يحلم وكما يستحق.
المصدر: راديو صوت بيروت إنترناشونال