أسعار السلع سترتفع قريباً… فهل تنقطع المواد الغذائية والمحروقات؟
سؤال وحيد يطرأ على بال اللبنانيين مع كلّ يوم تزداد فيه حدّة أزمة البحر الأحمر: ما مصير السلع في الأسواق؟ ففي وقت لا تزال فيه شركات النقل البحري متخوّفة من إعادة استئناف نشاطها عبر باب المندب بسبب الوضع غير المستقرّ أمنياً إثر الهجمات الحوثية، فان العين على البضائع التي يستوردها لبنان لأسواقه ومصير أسعارها.
فماذا سيحصل خلال الأيام المقبلة على هذا الصعيد؟
الأسعار سترتفع حتماً
لأزمة البحر الأحمر تداعياتها وارتداداتها بلا شكّ على الواقع اللبناني خصوصاُ على الأمن الغذائي، ولكن ليس بالحجم الذي يجري تداوله لدى بعض التجار والمستوردين، بحسب مدير عام وزارة الإقتصاد محمد أبو حيدر.
وفي حديث لـ”لبنان 24″، أوضح أبو حيدر أن ليس كلّ الشحنات التي تصل إلى لبنان تمرّ عبر البحر الأحمر ، حتى أن البعض منها بقي يمرّ من هناك، إلا أن بعض الشركات رفعت كلفة الشحن وبوالص التأمين نتيجة عدم دخولها عبر باب المندب واتجاهها صوب القرن الإفريقي، أي رأس الرجاء الصالح.
وأضاف: “بالتأكيد ستزيد الكلفة بشكل بسيط، وليس كما يشيعه مستوردون وتجّار، على بعض البضائع وليس مجملها”.
وجزم أبو حيدر أن السلع لن تنقطع، عازياً ذلك إلى أن لبنان دائماً ما يستورد بضائع لحوالي الـ4 أشهر بشكل مسبّق، مشيراً إلى أن بعض السلع قد تتأخر في الوصول بسبب سلوك الشركات طريقاً أطول، إلا أن الإحتياطي موجود أصلاً.
وللحدّ من الفلتان لدى بعض التجار، كشف أبو حيدر أنه سيتمّ مراقبة سلسلة الإمداد، من المستورد وصولاً إلى تجار الجملة والمفرّق ونقاط البيع أي السوبرماركت.
كما أشار إلى أنه طلب من المراقبين مراقبة فواتير المستوردين وطريقة التسعير التي يعتمدونها لتكوين صورة عن الكلفة التي في حال كانت اكثر ارتفاعاً، فستكون محدودة وباستطاعة الوزارة ضبطها من المورد، مشدداً على أن الشحنات التي وصلت إلى لبنان حتى الساعة لم تتأثر لناحية الأسعار.
هل تنقطع البضائع؟
أما رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي فأوضح لـ”لبنان 24″ أنه حذّر “إلى مدى خطورة الأزمة في البحر الأحمر منذ بدايتها، وما تخوّفنا منه آنذاك بات يحصل اليوم خاصة مع توسّع رقعة الصراعات إثر تدخّل أطراف عدّة فيها”.
وقال إنه من المستبعد طبعاً إنقطاع البضائع وأن تصل البلاد إلى مجاعة، بل الواقع هو أن الشحنات التي تصل من الشرق الأقصى ستشهد تأخيراً في الوصول لا يقلّ عن 20- 25 يوماً، لأنها بدلاً من المرور عبر البحر الأحمر، ستمرّ عبر رأس الرجاء الصالح الإفريقي الأطول من حيث المسافة.
ويعني هذا الأمر بحسب بحصلي أن السوق سيشهد نقصاً في الإمداد عند نفاذ الكمية في الإحتياطي، وأعاد التشديد على الفرق الشاسع بين عدم وصول البضائع أبداً، وتأخير وصولها أياماً عدّة.
وأكّد أن الأسعار ستتأثر حتماَ لأن الشركات رفعت كلفة الشحن بين 120% و150% ، أي أن المستوعب الآتي من الصين أو من كوريا أو اليابان بقياس 20 قدم الذي كان يكلّف 2000 دولار، باتت كلفته حوالي الـ5000 دولار.
ولفت بحصلي إلى أن البضائع الرخيصة الثمن مثل الأرز والحبوب ستتأثر أكثر من سواها بحوالي 10- 15%، أما تلك الأعلى ثمناً فشحنها ثابت وبالتالي التأثير عليها أقلّ، كما أن أقساط التأمين ارتفعت مع ارتفاع نسبة المخاطر.
وذكّر بأن شهر رمضان المبارك بات على الأبواب وبالتالي يزيد الطلب على بعض المواد التي لن تصل في موعدها المحدد، مشدداً على ضرورة مراقبة تطوّر الأمور بشكل دوريّ.
هذا ما سيحصل في قطاع المحروقات
وعلى صعيد قطاع المحروقات، أوضح رئيس نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس أن الأزمة الحاصلة في البحر الأحمر أثّرت على السوق العالمي وليس فقط على لبنان.
وأوضح البراكس في حديث لـ”لبنان 24″ أنه في جدول أسعار المحروقات المرسل يومياً، بات يحتسب 7$ إضافية على كل طنّ بسبب ارتفاع سعر التأمين العادي، الأمر الذي ساهم بارتفاع سعر استيراد المحروقات الى لبنان ولو بشكل محدود.
وأضاف: “في الوقت الحالي ما من مؤشرات إلى أن المحروقات ستنقطع، لأن الخطوط البحرية ما زالت سالكة خاصة وأن الإستيراد اللبناني مصدره حوض البحر الأبيض المتوسط”.
وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار سببه أولاً ارتفاع كلفة النقل والتأمين، وارتفاع معدّل أسعار النفط العالمية، مفسّراً أن الجدول الذي يصل إلى الناس يعتمد على مراقبة الجداول العالمية على مدى 15 يوماً.
وتخوّف البراكس من احتدام الصراعات العسكرية والسياسية بشكل أكبر ما قد يؤدي إلى إقفال تام للمعابر البحرية وتحديداً باب المندب، الأمر الذي سيؤدي إلى تأزم في الإمدادات وإلى ارتفاع أسعار المواد المستوردة.
مصير لبنان إذاً متعلّق كالعادة بالتطورات الإقليمية والدولية وما ستحمله المرحلة المقبلة من انفراجات أو انفجارات. فهل يتحمّل المواطنون نكسة جديدة على صعيد أمنهم الغذائي والحياتي بشكل عام؟