أزمة الكهرباء تحوّل يوميات اللبنانيين إلى معاناة وذل.. والشمع الحل الوحيد!

كتبت ايناس شري في “الشرق الأوسط”: تزيد معاناة اللبنانيين يومياً بسبب أزمة الكهرباء المستمرة التي باتت مزدوجة، إذ ترافق تقنين كهرباء الدولة بسبب شحّ الفيول مع تقنين تغذية المولدات بسبب شحّ المازوت، الأمر الذي أثر على حياتهم اليومية وحوّلها إلى مأساة لا تنتهي.

ونشرت أم لبنانية صورة لابنها الرضيع وهو غاف وشعره متبلل بالعرق، قائلة: “سبع ساعات وابني نائم على البلاط (الأرض) يذوب أمام عيني، حتى الطعام لا يتناوله بسبب الحر”، مضيفة: “الكل مسؤول عن قطع الكهرباء والمياه والمولدات”، لتلاقي تضامناً من أمهات أخريات نشرن صور أولادهن يعانين من الحر القاسي أيضاً في ظلّ انقطاع التغذية الكهربائية وتقنين التغذية البديلة أي المولّد مع وسم “بلد الذل”.

صحيح أنّ هذه الصور انتشرت منذ يومين بالتزامن مع حصول عطل تقني قالت مؤسسة كهرباء لبنان إنه أدّى إلى انقطاع التغذية بالتيار الكهربائي في جميع المناطق اللبنانية بما فيها بيروت الإدارية، إلا أن الانقطاع المتواصل للكهرباء لم يعد استثناء منذ ما يقارب الشهرين، وكلّ ما تسبب به العطل هو غياب الساعات القليلة جداً للتيار الكهربائي والتي كانت تتراوح بين الساعتين والست ساعات في عدد كبير من المناطق.

وكان حل أزمة الكهرباء باستمرار مطلباً أساسياً من ضمن الإصلاحات اللازمة للحصول على مساعدات دولية، وفاقمت الأزمة معاناة اللبنانيين الذين فضّل بعضهم البقاء لساعات أطول في مكاتب عملهم حيث يوجد تكييف، أو تحويل السيارة من وسيلة نقل إلى وسيلة لشحن الهاتف أو التهوئة، أو حتى الاستمتاع بضوء الشموع كطقس رومانسي وإن في عزّ الحر.

“ليت الأمر كله مضحك”، يقول صاحب محل لبيع المنتوجات الغذائية، مضيفاً في حديث مع “الشرق الأوسط” أنه خسر مبلغاً مالياً كبيراً “بسبب ذوبان المواد المثلجة إثر انقطاع الكهرباء وتوقف المولدات في وقت واحد”.

وفي ظلّ هذا الوضع تمنّت بعض متاجر البقالة على زبائنها طلب كلّ ما يمكن أن يتلف في الحر أو يحتاج إلى ثلاجة قبل يوم على الأقل وذلك بهدف إحضاره من الشركة إلى الزبون مباشرة لأنّ الكهرباء مقطوعة في المحل!

وتقول سيدة خمسينية لـ”الشرق الأوسط” إن “المعاناة بكلّ تفصيل”، مضيفة: “غياب الكهرباء يعني غياب كلّ شيء، سأضطر إلى صعود الدرج حتى الطابق الثامن وأنا أحمل أكياس الخضراوات لعائلتي، سأصل والعرق يتصبب مني ولن أجد نقطة ماء باردة، ولن أجد ماء لاستحم لأنّني لا أستطيع سحب الماء بسبب انقطاع الكهرباء”.

تروي هذه السيدة كيف أنها لا تستطيع أن تتسوق لأسبوع وتقول: “سيتلف الطعام من دون ثلاجة وأنا بالكاد أستطيع تأمين ثمنه». وتتحدث عن كيفية جلوسها وأسرتها بعد أن تغيب الشمس على ضوء لمبة تشحن مسبقاً، مضيفة: “في حال لم أتمكن من شحنها فالشمع الحل الوحيد”.

وفي ظلّ التقنين القاسي للكهرباء والذي ترافق مع ارتفاع درجات الحرارة وجد عدد كبير من اللبنانيين من الأرياف، وحيث يبقى الحر أقلّ وطأة، ملجأ توجهوا إليه، ولا سيّما مع عطلة الأعياد والإقفال التام الذي أعلنته الدولة بسبب تفشي كورونا.

وتبقى كلّ هذه المشاهد والمعاناة على قساوتها “رحمة” بنظر سارة التي تعاني جدّتها من مشاكل صحية تجعلها بحاجة إلى آلة الأكسجين بشكل مستمر، وتقول سارة لـ”الشرق الأوسط” إن جدتها البالغة من العمر 80 عاماً: “لا تستطيع البقاء في المستشفى تفادياً لالتقاطها أي فيروس لذلك بقيت في بيت أحد أبنائها الذي يعيش قلقاً مستمراً بسبب انقطاع الكهرباء”. وتضيف سارة: “اضطر عمي للاشتراك مع ثلاثة مولدات للكهرباء ومع ذلك انقطعت الكهرباء مهددة حياة جدتها”.

وكانت انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي صورة لطفلة اسمها سيدرا عمرها خمس سنوات تعاني من الربو، اضطرت والدتها بسبب انقطاع الكهرباء إلى أخذها إلى أحد الدكاكين في طرابلس كي تصل جهاز التنفس الخاص بابنتها بمولد الكهرباء.

المصدر: الشرق الأوسط

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!