هذه هي حالنا مع بعض من أهل الســـــياسة

رأت مرّة العنزةُ غنمةً في الحقل تقفز وتحاول “العربشة”. وصودف أنها رأت ما لا تراه عادة عندما تكون هذه الغنمة تسير طبيعيًا. فأخذت تعيّرها وتضحك عليها وتهزأ منها.

 

فما كان من هذه الغنمة إلاّ أن ردّت لها الصاع صاعين عندما واجهتها بحقيقتها، وهي أنها مكشوفة دائمة من الخلف، سواء سارت طبيعيًا أو قفزت.

 

هذه الرواية، وهي معروفة في الأوساط الشعبية، نوردها لكثرة أوجه الشبه بين “أبطالها”،

 

وبين كثيرين من “الأبطال” عندنا، الذين لا شغلة لهم ولا عملة سوى “تعيير” الناس، الذين يُصادف أن يخطئوا مرّة، فيما هم مجبولون بهذه الخطيئة. ينامون ويصبحون عليها. يرون القشة في عيون الآخرين، ولا يرون الخشبة في عيونهم.

 

هذا ما نراه ونشاهده كل يوم، وبالأخصّ في الوسط السياســـــي. فهناك أناس لا يعملون ولا يتركون غيرهم يعمل ولا يزيحون من درب الذين يريدون أن يعملوا.

 

لا همّ لديهم سوى إطلاق الشائعات. والأنكى من هذا أنهم غالبًا ما يصدّقون تلك الشائعات – الكذبة،

 

ويسيرون في موجة المطبّلين والمزمّرين. فهم في الواقع يجسدّون شخصية “جحا”، ولكن بلباس رسمي وربطة عنق.

 

فبدلًا من أن يصرفوا الجهد الذي يهدرونه في الفبركات الليلية، على ما يفيد وما يساعد على التخفيف من حدّة وقساوة الأزمـــــة التي يعيشها الوطن، وهي من صنع أيديهم، نراهم منشغلين بأمور كثيرة بينما المطلوب واحد.

 

إستروا عوراتكم قبل أن تعيرّوا الآخرين بما أنتم مبتلون به. وعلى الأقل إستتروا لأنكم مبتلون بالمعاصي. ولكن “يللي إستحوا ماتوا”. وقد تذهب البصقة في وجوههم هدرًا لأنهم يظّنون أن “الدني عم بتشتي”.

 

وفوق كل ذلك يتّهمون الآخرين بما هم مجبولون به. فمن يتمرمغ في الوحل طول الوقت لا يمكنه أن يعيب على الآخرين إذا لحقتهم “طرطوشة” من وسخهم.

 

فإذا كنتم عاجزين عن العمل، وقد حاولتم أكثر من مرّة ولم تفلحوا، بل إعتقدتم أنكم تريدون تكحيلها فزدتموها عمىً، على الأقل إتركوا غيركم يعمل، بدلًا من أن تزرعوا العراقيل في طريقه، وتضعوا العصي في الدواليب. فإذا نجح هؤلاء،

 

وهذا ما هو مرجّح، تنجحون معًا. أمّا إذا إستمريتم في ممارسة هواية التعطيل والعرقلة فإنكم ستغرقون لوحدكم، وستُغرقون معكم الوطن،

 

الذي لا يزال يأمل بأن يتمسّك بحبل نجاة يأتيه من حيث لا ينتظر.
الفرصة لا تزال سانحة، وهي الأخيرة، قبل أن تُطوى كل الخيارات المتاحة والمتبقية.

 

يكفي أن ننظر إلى طوابير الذّل، ليس أمام الأفران ومحطّات الوقـــــود، إنما في كل مكان،

 

حيث أصبح اللبناني لا يعيش فقط كل يوم بيومه، بل حتى كل ساعة بساعتها. لا بوادر حلول تلوح في الأفق؛ حتى أن اللبناني لا يلمس من قِبل المسؤولين أي محاولة أو أي مبادرة لإنتشاله من قعر الحفرة.

 

لا نقول أن الحكومة العتيدة ستتمكّن من إجتراح الأعاجيب، بل هي الفرصة الوحيدة المتاحة، والتي من خلالها وحدها يمكن التوصّل إلى ما يفرمل هذه الإندفاعة المخـــــيفة تمهيدًا لإعادة وضع لبنان على خارطة الإهتمامات الدولـــــية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!