في نقدِ ثورتِنا والثوّار!
كتب زياد الصائغ في موقع mtv
لم تنطلق الثورة في 17 تشرين الأول 2019. كانت تِلك إحدى محطّاتها المؤسِّسة. محطاتٌ أخرى سبقتها منذ العام 2014. بعضُها كان عالي الصَوت. بعضها كان خافِتاً. في أيّ حال ثمّة من أصرّ منذ حينها على إغفال المعطى السياديّ. بعضُهم عن خوف. بعضُهم عن قصور. بعضُهم عن تواطؤ. بعضُهم عن منهجيّة بائِدة قابعةٍ في أيديولوجيّاتٍ عفِنة لا علاقة لها بتاتاً بمن يدّعون من خلالها الانتماء لفكره.
إجهاض التجارب الثوريّة وسياقاتها إحترفته السُلطة لكن لم يُقصِّر فيه بعض الثوريّين. في هذا الحال يتبدّى ملِحّاً القول بحاجةٍ لثورةٍ في الثّورة. أستلهِم من سمير قصير لأنّه قرأ عميقاً كيف ستغتال القِوى السياسيّة ثورة الأرز باستخدام أعضاء فيها ومجموعات. في تلك الحِقبة كان المضمون السياسيّ لانتفاضة الأرز متماسِكاً. رغم ذلك تمكّنت القِوى التقليديّة من القّوى المدّعية الثوريّة من اغتيال الانتفاضة. فما أدراك اليوم بقحط الفِكر السياسي هُنا وثمّة.
حتى هذه الهُنيهة ما زال هناك من يعتقد بأنّ الاستنقاع في الاعتراض الاستعراضي، والإنتاج التسويقي، وديبلوماسيّة العلاقات العامة، والتّرداد الشعاراتيّ ومساحات المنافسة النّرسيسيّة، وتوسُّل ل “قوم تا اقعد مطرحك”، ما زال هناك من يعتقد بأن هذه أدواتٌ طبيعيّة في الثّورة، والحقيقة أنّ كل هذه، إن لم تبلغ نضج تكوين أوسع لقاء مدنيّ وطنيّ معارِض، بمعنى الانتقال من حالة الاعتراض إلى حالة المعارضة السياسيّة، إنّ لم تبلغ هذا النضج، يعني أنّها تُقِرّ بانعدام وزنها.
وانعدام وزنها هو من بعض أهل بيتها إمّا المحترفين إضاعة الفُرص، أو القانعين بمربّعاتهم المُغلقة، أو المتحدّثين عن مسارٍ تراكميّ مفتوح الأفق التاريخي لكأنّنا في جدليّةٍ فلسفيّة. هؤلاء حتى الفلسفة التي ينتمون إليها يبدو أنّهم بعيدين عن فهم ترجمة مضامينها في اللحظة السياسيّة.
باتت الثورة وبٌتنا معها نحتاج وقفةً وصحوة. المشوار طويل لكنّي خائفٌ من تبرير الأخطاء المميتة بمقاربة: “بدّا وقت”. جوابي بسيط: “ما في وقت”.