“علامة العار”.. صوامع مرفأ بيروت بين دعوات الهدم والإبقاء

قضى غسان حصروتي معظم حياته يعمل في صوامع مرفأ بيروت، حيث كان يقوم بتفريغ شحنات الحبوب لإطعام البلاد حتى مع احتدام القتال خلال الحرب الأهلية التي دارت رحاها من 1975 إلى 1990.

بعد عقود من الزمان، لقي حصروتي حتفه بداخل هذه الصوامع، حيث دمر هيكلها الإسمنتي الشاهق بانفجار وقع يوم 4 أغسطس في المرفأ، عندما اشتعل 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم المخزنة بشكل غير صحيح، في واحد من أكبر الانفجارات غير النووية في التاريخ.

أدى الانفجار إلى وفاة أكثر من 200 شخص ودمار هائل في العاصمة اللبنانية.

إيلي، نجل حصروتي، يريد العدالة لوالده ويعتقد أن الصوامع يجب أن تبقى “كعلامة على العار”، وتذكير بفساد وإهمال السياسيين الذين يلومهم الكثير من اللبنانيين على المأساة.

كان والد إيلي وجده يعملان في الصوامع منذ بنائها.

اتصل حصروتي (59 عاما)، بمنزله قبل 40 دقيقة من الانفجار ليخبر زوجته أن شحنة جديدة من الحبوب ستبقيه هناك في وقت متأخر، وطلب منها إرسال وسادته المفضلة وغطاء لأنه يخطط للبقاء طوال الليل في العمل.

وعثرت على رفاته في قاع الصوامع بعد 14 يوما من الانفجار المدمر.

قال إيلي: “يجب أن تبقى الصوامع شاهداً على الفساد، حتى نتعلم”.

تقول دراسة بتكليف من الحكومة في أعقاب الكارثة، إن الصوامع التي يبلغ عمرها 50 عاما يمكن أن تنهار في أي لحظة ويجب هدمها، مما أثار جدلا بين سكان المدينة حول كيفية الحفاظ على ذكرى المأساة.

في لبنان، حيث سادت ثقافة الإفلات من العقاب منذ فترة طويلة، وحيث نادرا ما يتم تقديم المسؤولين عن الهجمات العنيفة والتفجيرات والاغتيالات إلى العدالة، فإن الجدل غارق في الشك.

سارة جعفر تعتقد أن الحكومة تريد طمس أثر الانفجار والمضي قدما وكأن شيئا لم يحدث.

وقالت جعفر المهندسة المعمارية التي دمرت شقتها المطلة على الميناء: “هذا يذكر بما فعلوه”، مردفة: “لا أريد أن أفقد غضبي”.

بعد أيام فقط من الانفجار الكارثي، مع تصاعد الغضب العام، استقال رئيس الوزراء اللبناني حسان دياب، قائلا إن الفساد المستشري في البلاد “أكبر من الدولة”.

استوعبت الصوامع الضخمة التي يبلغ ارتفاعها 48 مترا الكثير من تأثير الانفجار، مما أدى بشكل فعال إلى حماية الجزء الغربي من المدينة من الانفجار الذي دمر آلاف المباني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!