تطبيع خليجي مع سوريا… والرياض تعود الى بيروت
استبقت المملكة العربية السعودية زيارة وزير الخارجية الإيـــ.ــراني حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت ببيان أصدرته يوم أمس ترحيبا بموقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلتزام الحكومة اللبنانية باتخاذ الإجراءات اللازمة والمطلوبة لتعزيز التَّعاون مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي،
فأشادت بالنقاط الإيجابية التي تضمنها البيان على كل المستويات، أملة بأن يُسهم ذلك في استعادة لبنان لدوره ومكانته عربيًا ودوليًا.
لا شك أن البيان السعودي ربطا ببيان وزارة الخارجية الكويتي التي أعربت عن تطلعها إلى استكمال الإجراءات البناءة والعملية في هذا الصدد سينعكس ايجابا على موقف وزراء الخارجية دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم يوم الأحد المقبل،
لجهة عودة سفراء دول الخليج إلى بيروت بعد مغادرتهم في نهاية تشرين الأول من العام الماضي بسبب “أزمة الوزير جورج قرداحي”.
ورجحت مصادر مطلعة على الموقف السعودي لـ”لبنان24″، عودة السفير وليد البخاري إلى بيروت في الأيام المقبلة، نظرا لدقة المرحلة في لبنان عشية الانتخابات النيابية التي تخـــ.ــوضها الطائفة السنية بعيدا عن الأحـــ.ــزاب والقـــ.ــوى السياسية الأساسية،
فضلا عن أن اجتماع الاليزية بين مستشاري الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون المكلفين بالملف اللبناني بيار دوكان وباتريك دوريل والوزير السعودي المكلف بالملف اللبناني نزار العلاولة والسفير البخاري خلص إلى إجماع سعودي – فرنسي على ضرورة أن تحصر المساعدات بالشق الإنساني التربوي والاستشفائي عبر الصندوق الائتماني،
على أن يعقد اجتماع بين المعنيين الفرنسيين والسعوديين اليوم لوضع آليات العمل بتوزيع المساعدات وهذا يستدعي، وفق المصادر ، عودة البخاري للإشراف على توزيع هذه المساعدات الإنسانية.
المسار السعودي الجديد لم يخلق صدفة. ولا شك أن حكومة الرئيس ميقاتي تفعل كل ما بوسعها على المستوى السياسي لعودة العلاقات مع دول الخليج إلى ما كانت عليه،
فهي اتخدت سلسلة من الإجـــ.ــراءات لمنع تهـــ.ــريب المخـــ.ــدرات إلى المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، بشكل مباشر أو غير مباشر،
فضلا عن تأكيد رئيس الحكومة في بيانه العمل على منع استخدام القنوات المالية والمصرفية اللبنانية لإجراء أي تعاملات مالية قد يترتب عليها إضرارًا بأمن السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي والالتزام بما تضمنته بنود المبادرة الكويتية وبكل قرارات جامعة الدول العربية.
الترقب سيد الموقف لهذا المستجد على خط العلاقات اللبنانية الخليجية، فبيان رئيس الحكومة كان سبقه اتصال أجراه بوزير الخارجية الكويتي الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح،
جرى خلاله البحث في المسعى الكويتي لإعادة العلاقات اللبنانية- الخليجية إلى طبيعتها، على أن يليه زيارة إلى قطر نهاية الاسبوع للمشاركة في منتدى الدوحة الذي يتم تحت رعاية امير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وتقول مصادر مطلعة لـ”لبنان24″ إن لقاءات الرئيس ميقاتي مع القيادات القطرية مرتبطة بمروحة عناوين سياسية واقتصادية نظرا لحضور قطر في خلفية ملفي النفط والغاز،
فهناك شبه توافق داخلي وخليجي وأميركي على أن تتولى ملف التنقيب عن النفط فضلا عن أهمية دعم لبنان في خضم ما يمر به من تحديات على المستويات كافة.
مع اشارة أوساط سياسية لـ”لبنان 24″ إلى أن قطر تمثل اللاعب الخفي للإدارة الأميركية من لبنان في ملف الترسيم،
وعلاقتها جيدة مع قوى سياسية مختلفة لا سيما مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي زار الدوحة الشهر الفائت وبحث مع المعنيين في طرح الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين ومسائل ذي صلة.
ان البيانات على خط لبنان – السعودية -الكويت جزء من تبادل كرة الانسجام والايجابية وسوف تعيد وضع المبادرة الكويتية في مكانها الصحيح وضمن سقف يناقض كل ما قيل عن شروط من شأنها أن تخلق اجواء توتيرية للوضع الداخلي.
لا يمكن القول إن هناك تبدلا سريعا سوف يتظهر في العلاقات على المستوى الرسمي بين الرياض وبيروت. فالتطور المرتقب في هذا الصدد محكوم باستحقاقات داخلية لبنانية وبخاصة الاستحقاق الرئاسي الذي يفرض عليها العودة إلى لبنان،
وبتطورات خارجية على صلة بمسار الانفتاح الخليجي على سوريا (باستثناء قطر)، فالتطبيع السوري – الإماراتي لن يبقى يتيما، خاصة وأن التواصل المستمر بين دمشق والرياض قد ينتهي في الأشهر المقبلة بعودة العلاقات السعودية – السورية إلى ما كانت عليه قبل 2011،
فزيارة الرئيس السوري بشار الاسد إلى الإمارات والتي قد تستتبع بزيارة إلى السعودية من الطبيعي ان تخلق واقعا جديدا سيكرس عودة النفوذ السوري إلى لبنان الذي من شأنه وفق المتابعين أن يحافظ على التوازنات اللبنانية.