اليرزة تطلق البلاغ رقم2 إنقلاب أم انتفاضة؟
“سياسي عسكر” بامتياز، كان يوم الأمس، بعد أسبوع من الإحتجاجات الشعبية من إقفال الطرقات وحرق الدواليب التي حجب دخانها الأسود حقيقة أهداف ما يخفيه “راكبو” موجتها، من أحزاب طارئة، ومحرّكين مجهولين معلومين، لتلتقي بعد أسبوع صرخة الثورة “القائمة من تحت الدولار”، مع “هَزّ الطاولة لا قلبها”، الذي مارسه قائد الجيش، في مشهد إذا ما كُتِبَ له النجاح، أن يغيّر مسار ومصير السلطة وطبقتها السياسية، وبالتالي، نوع وشكل الحكومة المنتظرة.
سبق هذا المشهد المتشكّل منذ ما بعد ظهر أمس، إجتماع لأركان السلطة في قصر بعبدا، في محاولة لامتصاص واحتواء فوضى الشاعر المنظّمة، في إجراءات أقل ما يمكن وصفها ب”المَزحَة”، لعلم المجتمعين بعدم جدواها، بعدما جرى اللجوء إليها سابقاً دون نتيجة.
فتوقيف الصرّافين سيشعل سعر صرفه، أما إقفال المنصات، فهو لزوم ما لا يلزم، إذ بوشر به قبلاً، في ظل استحالة تلك الخارجية منها، أما فتح الطرقات بالقوة فهو ضرب من الإنتحار، مع توافر معلومات للمعنيين في بيروت عن العين الخارجية المفتوحة على أي اعتداء على حقوق الإنسان، إذ أن الرسالة كانت واضحة ومقتضبة “ما تجرّبونا”.
غير أن أوساطاً معنية بكواليس اجتماع بعبدا الأمني – الإقتصادي، تؤكد أن مجموعة من العوامل حتّمت انعقاده، بعد أن لمست بعبدا تحرّكات مشبوهة غير بريئة، تصب في خانة تطويق الرئاسة الأولى، أهمها:
– تهديد رئيس حكومة تصريف الأعمال بالإعتكاف في خطوة استباقية، بالتنسيق مع رؤساء الحكومات السابقين، بعدما بلغته معلومات عن عزم رئيس الجمهورية الدعوة إلى تفعيل عمل حكومة دياب، ما زاد الطين بلة بين فريقي تكليف الحكومة. فتموضع “غرندايزر” الجديد أعاد تعويمه سنياً، كما أنه “زَرَكَ” رئيس الجمهورية محبطاً مسعاه قبل ولادته.
– تواجد الرئيس المكلّف خارج الأراضي اللبنانية، في محاولة لتخفيف أي ضغوط قد يتعرّض لها، تدفعه إلى شرب كأس سمّ جديد خلافاً لرغبة القرار الدولي والعربي، حيث عُلم أن موقفاً واضحاً أُبلِغ لباريس من عواصم القرار المعنية، بأن أي ضغوط قد تُمارَس من الإليزيه على الشيخ سعد للتراجع عن شروطه، ستواجَه برد سياسي “عنيف”.
– رسالة أفواج تدخل “الموبيلاتات” التي انطلقت من قلب الضاحية للتوجّه افتراضياً نحو القصر الجمهوري، في تحرك “خبيث”، حاول “حزب الله” إلباسه لحركة “أمل” وللقواعد المضغوطة والمحقونة معيشياً، رغم معرفة الجميع بأن الضاحية الجنوبية، المُعَدة منطقة أمنية السيطرة فيها لسلطة الممانعة.
رغم أن ثمة من سَوّق لنظرية الإتفاق بين بعبدا والحارة، وتنسيق هذا التحرك بهدف تجييش الشارع المسيحي ليهبّ للدفاع عن المقرّ الرئاسي، وهو ما لم يحصل.
وفي موقف متقدّم يكاد يكون الثاني من نوعه، بعد الصرخة التي أطلقها ذات يوم من منزل اللواء فؤاد شهاب، جاء البيان رقم 2 لقائد الجيش العماد جوزيف عون متأخراً سنتان، عن موعده.
فالقائد المعني الأول بالتطورات في الشارع، وبعد أن أدلى بمعلوماته خلال اجتماع بعبدا، عارضاً وجهة نظر اليرزة، انتقل إلى مقر قيادته ليطلع كبار ضباطه على مسار الأوضاع، في لقاء محدّد موعده مسبقاً، خلافاً لكل ما أشيع وتردّد.
من الواضح أن كلام العماد عون “الكبير”، وإن كان مكتوباً، غير أنه كشف عن بعض مما أدلى به في لقاء بعبدا، ولعل المساحة التي أعطيت له في وسائل الإعلام والتواصل الإجتماعي، والأهم “الحجم” الذي وزع منه، بقرار اتخذه شخصياً، يبيّن النية في إيصال الرسائل المتعدّدة الإتجاهات بالصوت والصورة مباشرة، لا عبر” الوكلاء”، وهي نقلة نوعية في تعامل قيادة الجيش مع الأوضاع.