الاستحقاق الرئاسي يطلّ من المناكفات الحكومية… والثورة «راجعة»
“انطوان غطاس صعب-اللواء”
يجتاز لبنان أكثر من قطوع سياسي واقتصادي ومالي، في ظروف تُعتبر هي الأصعب في تاريخه المعاصر، وما زاد الطينة بلة أنّ أزماته المتراكمة الاقتصادية والمعيشية وعلى كافة المستويات إنما تأتي في ظل عصر كورونا، وهذا ما ضاعف من أزماته التي باتت تنذر بما لا يحمد عقباه نظراً لتردي أوضاع الناس وغياب الخطط الاقتصادية والمالية الواضحة وانكشاف بعضها والذي يصب باتجاه المس بأموال المودعين ولا سيما الصغار منهم،
إلى ما يحكى عن ضرائب على فواتير الكهرباء والبنزين، ما يعني أن الأمور ما زالت تدور في حلقة مفرغة في ظل معلومات عن إعادة تنشيط حراك الثورة في وقت قد يكون مفاجئاً نظراً لتردي الأوضاع، حتى أن بعض النواب بدأوا يشيرون إلى أن الثورة عائدة وثمة من يقدم على كبار المسؤولين وسواهم على اتخاذ خطوات شعبوية وفي سياق مزايدات سياسية لأنهم يدركون سلفاً أن الثورة ستعود باعتبار الأوضاع المنهارة على كافة المستويات لم تجرِ معالجتها، بينما ارتفاع الدولار سيشكل نقطة تحول كبيرة في المواجهات المقبلة.
وفي هذا الإطار، تشير المعلومات أيضاً من كبار المتابعين للمسارات السياسية والاقتصادية إلى أن هناك قلقاً كبيراً من أن تتراكم الملفات وتبقى المعالجات الراهنة لدى الحكومة مقتصرة على الشأن الصحي وعودة المغتربين، لأن الخطط الاقتصادية والمالية ما زالت غائبة والمناكفات داخل الحكومة قائمة، وهذا ما ظهر في التعيينات الأخيرة وهناك صعوبات في إمرار ما تبقى منها نظراً لحالة الانقسام السياسي داخل هذه الحكومة،
وبالتالي موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري واضح لناحية دعمه زعيم تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية أكان في التعيينات أو ربما على مستوى الاستحقاق الرئاسي المقبل، ما يؤكد أن هذا الاستحقاق سيشكل صراعاً ضمن الحكومة وخارجها والأمور مرشحة للتفاعل أكثر في المرحلة القادمة،
وبناءً عليه لا يُتوقع أن تكون هناك عملية توافق حكومي على أي خطة اقتصادية مقبلة إن من خلال التباينات والخلافات، وصولاً إلى المخاوف من عودة الثورة التي ترفض ما قبل تشكيل الحكومة أي ضرائب جديدة، فكيف بعد أن وصل الدولار إلى حوالى الثلاثة آلاف ليرة لبنانية وتدنت قيمة رواتب القطاع العام بشكل مريب، بمعنى ان هناك أزمات مستعصية تواجهها الحكومة،
وبناءً عليه فإن أكثر من جهة سياسية تعتقد أن الحكومة ستبقى تدير هذه الأزمات لا حلها لأن ذلك بحاجة ماسة إلى غطاء سياسي ودعم إقليمي ودولي، وكل هذه العناوين غير متوفرة في الظرف الراهن، لا سيما من قبل الدول المانحة التي تحجم عن تقديم أي مساعدة للبنان في مثل هذه الظروف حيث العالم بأسره يواجه وباء كورونا وثمة انهيار للاقتصاد العالمي، فليس هناك من أي دولة من الذين يدعمون لبنان تاريخياً مستعدة لتقديم الدعم للحكومة،
لذا المسألة طويلة وقد تكون ثمة إجراءات وخطوات ستقدم عليها الحكومة في إطار سياسة التقشف في الإدارات والمؤسسات، وبناءً عليه فالمواجهات التي تتلقفها في ظل المعارضة التي بدأت تظهر مؤخراً من خلال بعض الزعامات والقيادات السياسية وخصوصاً من تيار المستقبل تنذر بمرحلة صعبة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والمعيشية.