اقتحام مجلس النواب… قريبًا?!
تعكس التحصينات غير المسبوقة التي تزنّر مداخل مجلس النواب حجم الاستنفار الامني والسياسي في مرحلة ما بعد ولادة حكومة حسان دياب. بروفا الموازنة يتوقع أن تتكرّر، وبحدّة أكبر، في جلسات مناقشة البيان الوزاري، حيث تفيد المعطيات عن خطة لتحركات شعبية أوسع بغية منع النواب من الوصول الى قاعة مجلس النواب… وهذه المرة محاولة جدية لاقتحام مجلس النواب!
مهما تضمّن البيان الوزاري لحكومة العشرين من بنودٍ تطمينيةٍ تحاكي هواجس “الثوار” فإنّ ذلك لن يعفها من المواجهة الكبرى تحت عنوان “لا ثقة شعبية بحكومة المحاصصة”.
مسارٌ من الاستنزاف ستحاول قوى السلطة والاجهزة الامنية مواجهته على أكثر من مسار بما في ذلك رصد وتعطيل مهام “محرّكي” المجموعات المتخصّصة باستخدام القوة والشغب بهدف اجتياز الجدار الاسمنتي والاسلاك الشائكة وقوى مكافحة الشغب للوصول الى قاعة البرلمان، وتحصين بيروت من مداخلها كافة وتحويلها الى منطقةٍ عسكريةٍ، والعمل في المقابل على حصر بقعة تمدّد المتظاهرين في وسط بيروت ممّن “احتلوا” ساحتها منذ 17 تشرين، وقد ظهرت أولى مؤشرات ذلك من خلال “بروفا” فتح الطريق من مبنى النهار باتجاه مسجد محمد الامين وصولًا الى رياض الصلح، فيما تردّدت معلومات عن توجّه أمني لازالة خيم المعتصمين وإعادة “الوسط” الى سابق عهده قبل “الثورة”.
لكن مصادر أمنية نفت لموقع “ليبانون ديبايت” وجود خطة أمنية لفتح الطرقات في وسط بيروت وإزالة خيم المعتصمين، مؤكدة، “أنّ القوى الامنية عمدت صباح يوم الثلاثاء الى فتح الطريق بشكل جزئي فقط للتخفيفِ من زحمةِ السير فقط، ومع اعتراضِ وتجمهر عددٍ كبيرٍ من المعتصمين، تمّ إقفال الطريق مجددًا”.
وإذ تشدد، على أن “لا توجّه إطلاقًا لازالة خيم المعتصمين من وسط بيروت”. تقول المصادر عينها، أنّ “التظاهرات السلمية كانت ولا تزال بحماية القوى الامنية وهذا قرارٌ ثابتٌ، بما في ذلك الاعتصام في وسط بيروت”.
وهو الامر الذي أعلنه مباشرة وزير الداخلية محمد فهمي من خلال تغريدته “الامنية” الاولى على حسابه عبر “تويتر” الذي دشنه الثلاثاء عبر نفي “ما يثار عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن قرار أمني صادر عنه لفضّ اعتصام وسط بيروت (الليلة)”، مشيرًا، الى أنّ “ازالة الحواجز الحديدية عند مداخل ساحة الشهداء اتت بهدف تسهيل حركة المرور امام المواطنين في العاصمة”، ومؤكدًا، “حرية التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي الذي هو حقٌ كفله الدستور”.
وعكست الهتافات التي اطلقت مع تجمهر المتظاهرين يوم الثلاثاء لمواجهة ما قالوا أنه محاولة لفتح الطريق بالقوة المنحى الذي قد تسلكه المواجهات في المرحلة المقبلة حيث هتف هؤلاء “عالقليلة عطونا هدية. شيلو بري من المالية”، و”شبيحة شبيحة حرس المجلس شبيحة”، وهتافات ضد “بري البلطجي”… وكافة زعماء الاقطاع.
ومع الدعوات التي أطلقت على مواقع التواصل الاجتماعي للتجمهر في ساحة الشهداء لمنع قطع الطريق، كانت مجموعات في الحَراكِ تؤكد، أنّ “في يوم إقرار الموازنة بدا واضحًا التوجه الشعبي للتظاهر بشكل رمزي، لكن في جلسة الثقة سيكون المشهد مختلفًا جدًا”.
وتفيد معطيات في هذا السياق، أنّ قرارًا حزبيًا لدى “القوات اللبنانية” و”الكتائب” قضى بعدم مشاركة المجموعات المحسوبة عليهم في التظاهرات التي رافقت دخول مواكب النواب الى ساحة النجمة يوم إقرار الموازنة، إلا أنّ قرارًا معاكسًا لدى القيادتين سيترجم في جلسات مناقشة الموازنة، ما يعني أنّ مجموعات من الحَراكِ والمستقلين ومجموعات ستأتي من مناطق الشمال والبقاع ومجموعات حزبية من “القوات” و”الكتائب” ستجتمع عند مداخل البرلمان المحاصر لمنع النواب من الوصول”.
فيما يؤكد ناشطون، أنّ “اقتحام مجلس النواب والجلوس على مقاعده هو الهدف الاسمى للثورة. من هنا يبدأ التغيير الحقيقي لفرض إجراء انتخابات نيابية مبكرة وإنهاء مهزلة الحكومة الحالية صنيعة السلطة الساقطة”!
لكن قرار الاقتحام والذي تكرّرت محاولات تنفيذه أكثر من مرة واستدعى ذلك استخدام القوة المفرطة بحق المتظاهرين، وهي مجموعات أتت بغالبيتها من مناطق في الشمال والبقاع، تبدو كلفته السياسية والامنية والبشرية أكبر من طاقة حكومةٍ وأي سلطةٍ حاكمة على تحمّله.
بالأمن، يفترض ذلك تجاوز ثلاث عقبات: الحواجز الاسمنتية والاسلاك الشائكة، قوى مكافحة الشغب والجيش، وصولًا الى “لغم” حرس مجلس النواب. أما في السياسة، فنتحدث هنا عن أحد الخطوط الحمر المرسومة منذ عهد “الطائف”، وعن رمزية يصعب جدًا فصلها عن “محرّمات” الطائفة الشيعية: سلاح حزب الله و”الامبراطور” الحاكم نبيه بري على رأسها. وهو مشروع يشكّل، برأي المناهضين له، خطًا عسكريًا نحو فتنة سعى حزب الله طوال أيام الانتفاضة الشعبية لتجنّبها من خلال تبنيه لآخر لحظة لخيار سعد الحريري ولجمه المستمر لشارعه “المخنوق” من ضغط الوضع الاقتصادي والمالي!
كاتب المقال : ملاك عقيل